تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[انظروا في كتاب الزاهد إلى الملك .. وكتاب الملك إلى الزاهد]

ـ[محمد الطنطاوي]ــــــــ[04 - 10 - 09, 12:41 ص]ـ

يقول ابن قاضي شهبة:

(وحينما دخلت الموصل في طاعة نور الدين محمود -كمشتكين- شحنة الموصل (أي صاحب الشرطة) ألا يأخذ الناس إلا بما يحدده الشرع من إثبات البينة وتوفر الشهود، وأن يستعمل العقوبة الشرعية، وأن يتوقف عن اللجوء إلى أساليب القسوة والتجسس على الناس، وألا يعمل القاضي والنواب كلهم شيئاً إلا بعد مراجعة الشيخ عمر الملاء، وكان هذا عالماً زاهداً لا يملك من الدنيا شيئاً، وكان يزوره جميع الملوك والعلماء والأعيان ويتبركون به .. )

ويضيف ابن قاضي شهبة أن بعض القادة والجنود ضاقوا بغل أيديهم وفقد نفوذهم فجاءوا إلى كمشتكين وقالوا: (قد كثر الدعاء وأباب الفساد، ولاينجي من هذا شئ إلا بالقتل والصلب، فلو كتبت إلى نور الدين في ذلك، فقال: أنا لا أجسر على ذلك، ولكن قولوا للشيخ عمر، فحضروا عنده وذكروا له ذلك، فكتب إلى نور الدين وقال له: إن الدعار والمفسدين وقطاع الطرق قد كثروا ويحتاج إلى نوع سياسة، ومثل هذا لايجئ إلا بقتل وصلب وضرب، وإذا أخذ مال الناس في البرية من يجئ ليشهد له؟).

فلما وصل الكتاب لنور الدين قلَبَه وكتب على ظهره: (إن الله تعالى خلق الخلق وهو أعلم بمصلحتهم، وإن مصلحتهم تحصل فيما شرعه على وجه الكمال. ولو علم أن على الشريعة زيادة في المصلحة لشرعه لنا، فما لنا حاجة إلى زيادة على ماشرعه الله تعالى، فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته، وهذا من الجرأة على الله وعلى شرعه، والعقول المظلمة لاتهتدى، فالله سبحانه يهدينا وإياك إلى الكتاب وإلى صراط مستقيم) اهـ.

من كتاب (هكذا ظهر جيل صلاح الدين) لماجد عرسان الكيلاني ص307، ط. دار القلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير