[المورسكيون و المقاومة بالطرق القانونية]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[04 - 10 - 09, 09:14 م]ـ
[المورسكيون و المقاومة بالطرق القانونية]
http://www.andalucia.cc/abenhumeya/modules/My_eGallery/gallery/temp/eGruposDMime.gif
إن استمرار الإسلام بشبه الجزيرة الأيبرية لمدة تزيد عن القرن بعد سقوط غرناطة سنة 1492م كان بفضل الله عز و جل ثم بفضل المقاومة اليومية التي أبداها الأندلسيون أمام محاولات دمجهم في المجتمع النصراني و إجبارهم على التخلي عن دينهم الإسلامي. فقد استبسلوا في المقاومة و ضربوا أمثلة في التضحية بالغالي و النفيس فداءا للإسلام و استعملوا جميع الوسائل لمناورة تحركات محاكم التفتيش ضدهم, هذه المحاكم التي أضحى عملها هو التأكد من صدق إيمان المورسكيين بالنصرانية و نبذهم للإسلام. يقول الدكتور الفرنسي لويس كادرياك:''إن دور محكمة التفتيش بالأساس هو حماية وحدة العقيدة عبر محاربة كل أشكال الهرطقات. هكذا ستنظم نفسها ضد المورسكيين لمّا يُدعون للتحول للنصرانية و الإخلاص لها'' (1).
ناضلوا بالكلمة, بالكتابة بل و حملوا السلاح في وجه جلادهم كما حصل في حرب غرناطة الكبرى سنة 1568م (2) , و لجأ بعضهم إلى الوسائل القانونية لعله ينقد رقبته من نار محكمة التفتيش.
فما بين 1538 و 1542 التمست الطائفة المورسكية بدمييل Daimiel, المشدود أزرها بمورسكيي منطقة « Cinco Villas », سلطة المفتش العام مانريك لتعارض بالطرق القانونية سلطة المفتش المحلي يانيس Yanes. فقد جاءهم رجل المغرو Almagro الثري ألونسو الطيب Alonso el Bueno بنبإ صدور بيان بابوي يصب في صالحهم. و تجلت مطالبهم في:
-إلغاء الاحتفال بالسان بنيتو San benito.
- إلغاء مصادرة ممتلكاتهم.
-إصدار قانون لا يُحكم بموجبه على الفرد بالهرطقة إلا بشهادة ثلاثة أشخاص.
فحملوا هذه المطالب إلى محكمة التفتيش العليا و عرضوا قضيتهم على المسؤولين.
الطائفة المورسكية ببلنسية أبانت كذلك عن تضامن كبير فيما بينها حيث كانوا يدفعون الجزية مرتين في السنة للعرش القشتالي مقابل مهادنتهم نسبيا و ذلك بموجب ميثاق وقِّع سنة 1571م, و يقضي بإلغاء مصادرة محاكم التفتيش لممتلكات المهرطقين, على ألا تتجاوز الغرامات 10 دوقات (3).
أمّا على الصعيد الفردي فنجد أيضا هذه الإرادة القوية للمقاومة بالطرق القانونية و معارضة قرارات محاكم التفتيش. بل ذهب بعضهم لعرض قضيته على محكمة التفتيش العليا بروما, خاصة أولئك القاطنون قرب الحدود الفرنسية الذين قطعوا مسافات طويلة للوصول للبابا و الطعن في حكم محلي ضدهم, ككاتالينا مونتيرا (4) و خوان دي أريكلي (5) و المزارعين الأراغونيين اللذين يمموا تلقاء روما لتُحلّهم من تهمة الهرطقة التي لحقتهم بإسبانيا.
سنة 1608م قضى لوبي علج الملقب بالجندي ‘’ Lope Alax ‘’El soldado’’ في نفس النار التي أحرقت قبله كاتالينا و خوان. لقد أبدى مقاومة عجيبة و مثالية طيلة سنوات. فرغم إدانته للمرة الأولى سنة 1574 من طرف محكمة تفتيش سرقسطة بسبب''عيشه كمسلم و أدائه طقوس ملة محمد لمدة 22 سنة, و اعتقاده أنها كفيلة بإنقاذ روحه, و إيمانه بأن يسوع المسيح ليس ابنا لله و لا العذراء هي أمه بل ليست عذراء أصلا (*) '', رغم هذه الإدانة استمر في تعلقه بالدين الإسلام الحنيف و بدل جهده في اتباع تعاليم القرآن العظيم إلى حين إدانته للمرة الثانية في أواخر سنة 1607م, حيث خصص غرفة في بيته لأداء الصلاة, و جاء في محضر الاتهام: ''لمّا دخل الشاهد إلى منزل المتهم, رآه اتخذ في إحدى الغرف حمّاما, و فيها كان يتوضأ guadoc و يصلي Zala, و قد رآه يقوم بذلك عدة مرات'' (6). و كان لوبي يمتلك نسخة من القرآن ابتاعها بثلاثين أوقية من مورسكي بأراندا Aranda: " رأى (الشاهد) بحوزته كتابا كبيرا مكتوبا بحروف إسلامية فسأله إن كان هذا الكتاب هو القرآن الذي كتبه أحد المورسكيين بأراندا فقال له نعم و أنه أعطى مقابله 30 أوقية'' (7).
¥