الأعاجم، وظهرت بتأثير العناصر غير العربية كالفرس والعناصر ذات الدين النصراني أو اليهودي أو التي لا نسب لها ظهرت نزعة الحط من شأن العرب وتعداد عيوبهم وذكر مثالبهم، وأرجو الأخ خالد أن يتسع صدره لبعض الملحوظات:- (1) استشهاده وفقه الله بحديث (تنكح المرأة لأربع) كما في ص (95) على أن المقصود هو الدين ولا اعتبار للأمور المذكورة في الحديث، وهذا غير صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته فاطمة بنت قيس عن معاوية وعن أبي الجهم لما خطباها قال: (أما معاوية فصعلوك لا مال له) فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتبر المال هنا، فكيف نقول إنه لا عبرة إلا بالدين فقط دون نظر إلى الصفات الأخرى، ولم يسقط الرسول صلى الله عليه وسلم المرغبات إلى المرأة من حسب وجمال ومال، لكنه بين أن الدين من أفضل المرغبات حينما قال (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
(1) استشهد الأخ خالد في عدة مواضع بتزويج النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة من زينب جحش بنت عمه صلى الله عليه وسلم على أن الكفاءة في النسب ليست شرطاً، لكن هذا الشاهد منقوض عليه، فهو استدل بزيد بن حارثة على أن بعض الناس أصابه الرق عرضاً وإلا فله نسب معروف، فما دام زيد معروف النسب وإنما أصابه شيء في الجاهلية واشتراه حكيم بن حزام لخديجة، وخديجة وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم زوجه من بنت عمه لأنه يعرف أن له نسباً شريفاً، فالخلاصة أن قصة زيد لا يصح الاستدلال بها في هذا الموضع على كل الوجوه.
(2) تمنيت لو أن المؤلف وضع الاستبانة التي قام بتوزيعها على مجموعة محددة من الناس لو وضعها كاملة في الكتاب حيث ظهر لي من خلال ما ذكر منها أنها غير دقيقة، فكم نسبة للشعب العربي وضع الاستبيان، وفي أي منطقة، وهل نتائج الاستبيان تعتبر قطعية الدلالة. ولننظر فقد ذكر الأخ خالد في ص (91) سؤاله في الاستبانه عن أسباب انتساب بعض الأسر إلى غير القبائل وذكر من بين خيارات الإجابة أن من الأسباب هو الزواج من امرأة غير قبيلية. وهذا الجواب ليس سبباً بل هو نتيجة من نتائج التعصب القبلي الذي يحذر منه المؤلف، ولو اعتبرناه سبباً للزم منه (الدور) كما في عرف الأصوليين، وهذا ما يظهر لي أنه قد تكون هذه الاستبانة غير دقيقة.
(3) عد الأخ خالد في مؤلفه الكفاءة في النسب من أكثر مظاهر العصبية شيوعاً وعنف في ذلك كثيراً، ولكنني أدعو المؤلف إلى الرجوع إلى كتب الفقه في المذاهب الأربعة كلها، ليرى أن الشرط معمول به في غالب المذاهب، وبنيت عليه أحكام في فسخ النكاح إذا لم يرض أحد الأولياء بالتفاوت في النسب بين الزوج والزوجة وغير ذلك، وكان الجدير بالأخ خالد أن يحقق القول في هذه المسألة ويطيل البحث فيها ويقارن بين الأدلة، دون تجن على ما عليه عمل جمع كبير من أهل العلم.
(4) لماذا لم يتطرق الأخ خالد لبعض الشعائر التي اعتبر فيها النسب أساساً في التقديم، كاعتبار الشرف عند قسم الغنائم، والتفريق بين ذي النسب وغيره في الدية والقصاص وفي أمور كثيرة.
(5) هو يذكر في ثنايا كتابه جملاً كثيرة مفهومها أن القبلية هي سبب الفرقة بين المسلمين وسبب التناحر، وهذا فيه تجن كبير وظلم عظيم، فالمسلمون قبيليهم وغير قبيليهم وأن اجتمعوا في اللحمة والنسب كما يرجوه الأخ خالد، لديهم أسباب كثيرة فرقتهم من اتباع المذاهب الضالة والنحل الخبيثة.
(6) الأخ خالد ذكر مساوئ للعصبية القبلية، وياليته حينما ذكر ذلك ذكر محاسن القبلية المحمودة، ومنها أن الإنسان ربما يهم بعمل مخالف للمروءة في مكان خال حينما يغره الشيطان فمتى ما ذكر أن قبيلته ستعاتبه وتعيب عليه توقف حالاً، ومنها أنها دعم للإنسان وسند في الملمات، فإذا ما وقعت عليه دية أو تحمل غرامة ولديه عشيرة مباركة تحملت عنه أو ساعدته، ومنها أن العقلاء في القبائل إذا رأوا أن قبيلتهم ستذهب إلى مهاوي الردى نزعوها من تلك الأماكن وخاصة إذا عاش الناس في غربة، فلقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء). ورواه أحمد من حديث ابن مسعود وفيه: من الغرباء؟ قال: النزاع من القبائل والذين يصلحون إذا فسد الناس).
(7) الأخ خالد يتأوه كثيراً من العصبية القبلية في البلاد ومن قرأ كلامه، ظن أن بلادنا فيها من عنصرية (بريتوريا) أو عزلة (الهنود الحمر) في الولايات المتحدة، مع أن الواقع يخالف ما ذكره، فغير القبيليين فيهم الوزراء والعلماء والتجار ومنهم أهل الحل والعقد ولهم منزلة في المجتمع وكل منهم يسمع، أرجو أنني قد وفقت في مناقشتي للأخ خالد في كتابه (العصبية القبلية من المنظور الإسلامي) والذي حتم عليّ معرفته باتساع صدره لقبول الرأي الآخر، راجياً من الله عز وجل أن يجنبني وإياه وبلادنا شر القبلية المتعصبة والشعوبية القادمة الظالمة، وللقارئ الكريم تحيتي.
الهوامش:
1 - الآية رقم 4من سورة الليل.
2 - 3 - 4جمهرة أنساب العرب لأبي محمد علي بن حزم الأندلسي. تحقيق عبدالسلام هارون، الطبعة السادسة، دار المعارف المصرية.
5 - الآية رقم 214من سورة الشعراء.
6 - طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب، تأليف السلطان الملك الأشرف عمر بن يوسف بن رسول، الطبعة الأولى عام 1422ه، دار الآفاق العربية المصرية.
7 - ابن حزم. أنظر رقم (2)
¥