تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العثماني الأخير تحت ظلال القبة الخضراء]

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[16 - 10 - 09, 06:17 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[العثماني الأخير تحت ظلال القبة الخضراء]

أحمد مير أوغلى نقلا ً عن كتاب فريدون قاندمر (الدفاع عن المدينة: آخر العثمانيين في ظلال نبينا – صلى الله عليه و سلم-، استانبول 1991م، ص 235)

أسطورة المدينة المنورة:

في يوم من الأيام .. كانت شبه جزيرة العرب بما فيها مكة المكرمة و المدينة المنورة جزءا ً من الدولة العثمانية منذ عام 1517م حينما أعلن الخطيبُ على المنبر السلطانَ سليما ً الأول -الذي تغلب على المماليك- حاكما ً لتلك البلاد و نعته على الأرجح بلقب " خادم الحرمين الشريفين". وقد كان سلاطين آل عثمان الذين استحقوا هذا اللقب و طبقوا فحواه بجدارة مذ ذاك و حتى زوال نفوذهم عن مكة و المدينة يخدمونهما بولع و تعلق كبيرين، و أعظم به خسارة انتهاء حكمهم لتلك الأراضي. و سنسعى في موضوعنا هذا لسرد قصة ضياع الأراضي المقدسة من أيدي العثمانيين بإيجاز.

خاضت ممثلة الإسلام قرونا ًَ بشرف- الدولة العثمانية- في أواخر سنيّها الحرب العالمية الأولى ثم خرجت منها مهزومة في النهاية، و لم يجد الجيش العثماني بدا ً من الاستسلام بموجب معاهدة موندروس (1918م)، و لكن بينما كان الجيش على جبهتي فلسطين و الحجاز يستسلم بأكمله أبى قائد القوات العثمانية في الحجاز " فخر الدين باشا" إلا المقاومة فلم يذعن لأوامر الآستانة بالاستسلام و قال بأنه لن يفرط بمرقد النبي – صلى الله عليه و سلم-. و رغم عدم تمكن الإنجليز بأي وسيلة من الاستيلاء على المدينة المنورة بشكل مباشر أو الزج بأي من جنودهم فيها إلا أنهم استولوا عليها عنوة بواسطة زعماء بعض القبائل العربية الذين اشتراهم بالأموال " لورنس العرب" الجاسوس الغني عن التعريف و بفضل شريف مكة آنذاك.

و هكذا لم يجد " فخر الدين باشا" الذابّ عن حياض الأراضي المقدسة مناصا ً من تسليم المدينة المنورة، و القبر النبوي الشريف، و تلك البلاد رغم نجاحه في صد الغزاة عنها أشهرا ً متحملا ً و جنوده وطأة الجوع و العطش.

الخدعة الإنجليزية التي فرقت الإخوة:

لم تكن ثورة العرب على الدولة العثمانية مردها طلب الاستقلال؛ لأن العرب حاربوا مع الترك جنبا ً إلى جنب في جميع الجبهات انطلاقا ً من " جاناق قلعة" و حتى نهاية الحرب العالمية الأولى بل كان ثمة عرب بين الشهداء في جبهة " آيدين" حاربوا ضد اليونان أثناء حرب الاستقلال، و زد على هذا أنه لم يُر عربي واحد في أي بلد عربي سواء في العراق أو سورية أو لبنان أو اليمن أو فلسطين يخرج على الدولة و يعلن عليها العصيان. لم يكن المتمرد و الثائر الوحيد سوى " الشريف حسين باشا" أمير مكة.

لقد كان حسين باشا أميرا ً على مكة برتبة حاكم لواء (مير ميران)، و كان يقيم في استانبول و أفراد عائلته " حيدر باشا" و "جعفر باشا" حيث يتمتعون بالعضوية في مجلس الشورى العثماني و يتقاضون راتب الباشاوات. كان حسين باشا موضع شبهة لدى السلطان عبد الحميد الثاني فكان دوما ً يرفض بلطف طلبه في أن يصبح أميرا ً على مكة المكرمة حتى تأتى له ذلك في عهد أخيه السلطان محمد رشاد ثم استغل الإنجليز طموحه فجعلوه يصدقهم بأنه سيصبح ملكا ً على العرب بل إمبراطورا ً يجمع العرب كافة تحت لواءه، و وعدوه بتأمين ما يحتاج من مال و سلاح و ذخائر و طعام و عون و مدد و بإقامة دولة عربية مستقلة ذات حدود معينة حال انقلابه على الدولة العثمانية.

بدأ الاتصال مباشرة بين الشريف حسين و الإنجليز - وفق الوثائق المصرح بها لاحقا ً - في يوليو 1915م و طلب منهم نظير تعاونه معهم تمكينه من إقامة دولة مستقلة للعرب تمتد شمالا ً حتى إيران بما في ذلك مرسين و أضنة في الأناضول و شرقا ً حتى خليج البصرة (الخليج العربي)، و جنوبا ً حتى سواحل المحيط الهندي و غربا ً حتى البحر الأحمر فالبحر الأبيض المتوسط حتى مرسين في الأناضول. استمرت الصفقة حتى أواسط عام 1916م حيث كان الشريف حسين يقوم بإلهاء الدولة العثمانية ثم أرسل إشعارا ً يعلم به السلطات العثمانية بتمرده ثم رفع لواء الثورة رسميا ً في 27 يونيو 1916م، جامعا ً حوله فيالق من البدو يعيشون حياة الترحال و السلب و النهب في صحارى الحجاز، و أصحاب جهل مدقع إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير