وكان عثمان قد سن نظام مبادلة الأراضي، فمن كانت له أرض من الفيء في مكان بعيد عنه يبادل عليها بأرض قريبة منه بالتراضي بين المتبادلين، وبهذه الطريقة تخلى طلحة بن عبيد الله عن أسهمه في خيبر واشترى بها من فيء أهل المدينة بالعراق أرضاً يقال لها النشاستج، وبينما كان سعيد بن العاص في دار الإمارة بالكوفة والناس عنده أثنى رجل على طلحة بن عبيد الله بالجود، فقال سعيد بن العاص: لو كان لي مثل أرض النشاستج لأعاشكم الله عيشاً رغداً، فقال له عبد الرحمن بن خنيس الأسدي: وددت لو كان هذا الملطاط لك، والملطاط أرض على جانب الفرات كانت لآل كسرى، فغضب الأشتر وأصحابه وقالوا للأسدى: تتمنى له من سوادنا؟! فقال والده: ويتمنى لكم أضعافه، فثار الأشتر وصحبه على الأسدي وأبيه وضربوهما في مجلس الإمارة حتى غشى عليهما، وسمعت بذلك بنو أسد فجاءوا وأحاطوا بالقصر ليدافعوا عن رجليهما، فتلافى سعيد بن العاص هذه الفتنة بحكمته، ورد بني أسد عن الأشتر وجماعته: وكتب أشراف الكوفة وصلحاؤها إلى عثمان في إخراج هؤلاء المشاغبين من بلدهم، فأرسلهم إلى معاوية في الشام (الطبري 5: 85 – 86) ثم أخرجهم معاوية فنزلوا جزيرة ابن عمر تحت حكم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، إلى أن تظاهروا بالتوبة، فذهب الأشتر إلى المدينة ليرفع إلى عثمان توبتهم، فرضي عنه عثمان وأباح له بالذهاب حيث شاء، فاختار العودة إلى زملائه الذين عند عبد الرحمن بن خالد بن الوليد في الجزيرة (الطبري 5: 87 –88).
وفي الوقت الذي كان فيه الأشتر يعرض على عثمان توبته وتوبة زملائه وذلك في سنة 34 كان السبأيون في مصر يكاتبون أشياعهم في الكوفة والبصرة بان يثوروا على أمرائهم واتعدوا يوماً، فلم يستقم ذلك إلا لجماعة الكوفة، فثار بهم يزيد بن قيس الأرحبي (الطبري 5: 101).
ولما وصل الأشتر من المدينة إلى إخوانه الذين عند عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وجد بين أيديهم كتاباً من يزيد بن قيس الأرحبي يقول لهم فيه: لا تضعوا كتابي من أيديكم حتى تجيئوا، فتشاءموا من هذه الدعوة وآثروا البقاء، وخالفهم الأشتر فرجع عاصياً بعد توبته، والتحق بثوار الكوفة وقد نزلوا في الجرعة مكان مشرف على القادسية، وهناك تلقوا سعيد بن العاص أمير الكوفة وهو عائد من المدينة فردوه، ولقى الأشتر مولى لسعيد بن العاص فضرب الأشتر عنقه، وبلغ عثمان أنهم يريدون إقالة سعيد بأبي موسى الأشعري فأجابهم إلى ما طلبوا (الطبري 5: 93 – 94).
ولما فشل موعد سنة 34 واقتصرت الفتنة على ما كان في الجرعة، اتعد السبأيون للسنة التى بعدها (سنة 35) ورتبوا أمرهم على التوجه إلى المدينة مع الحجاج كالحجاج، وكان الأشتر مع خوارج الكوفة رئيساً على فرقة من الأربع (الطبري 5: 104)، وبعد وصولهم إلى المدينة ناقشهم أمير المؤمنين عثمان وبين لهم حجته في كل ما كانوا يظنونه فيه، فاقتنع جمهورهم بذلك وحملوا رؤساء الفتنة على الرضا بأجوبة عثمان وارتحلوا من المدينة للمرة الأولى.
إلا أن الأشتر وحكيم بن جبلة تخلفا في المدينة ولم يرتحلا معهم (الطبري 5: 120) ونقل الطبري (5: 194) أن الأشتر كان في مؤتمر السبأيين الذي عقدوه قبيل ارتحال علي من الكوفة إلى البصرة للتفاهم مع طلحة والزبير وعائشة، فقرر السبأيون في مؤتمرهم هذا أن ينشبوا الحرب بين الفريقين قبل أن يصطلحا عليهم.
وفي وقعة الجمل اطصرع عبد الله بن الزبير والأشتر واختلفا ضربتين، وقال عبد الله بن الزبير كلمته المشهورة: ((اقتلوني ومالكاً)) فأفلت منه مالك الأشتر، روى الطبري (5: 217) عن الشعبي أن الناس كانوا لا يعرفون الأشتر باسم مالك، ولو قال ابن الزبير ((اقتلوني والأشتر)) وكانت للأشتر ألف ألف نفس ما نجا منها شئ، وما زال يضطرب في يدى ابن الزبير حتى أفلت.
وروى الطبري (5: 194) أن عليا لما فرغ من البيعة بعد وقعة الجمل واستعمل عبدالله بن عباس على البصرة بلغ الأشتر الخبر باستعمال علي لابن عباس فغضب وقال: (على ماذا قتلنا الشيخ إذن؟! اليمن لعبيد الله، والحجاز لقثم، والبصرة لعبد الله، والكوفة لعلى!!) ثم دعا بدابته فركب راجعاً، وبلغ ذلك علياً فنادى: الرحيل! ثم أجد السير فلحق به فلم يره أنه بلغه عنه وقال: (ما هذا السير؟ سبقتنا!)، وخشي إن ترك والخروج أن يوقع في نفس الناس شراً.
ثم اشترك الأشتر في حرب صفين، وولاه علي إمارة مصر بعد صرف قيس بن سعد بن عبادة عنها، فلما وصل القلزم (السويس) شرب شربة عسل فمات، فقيل إنها كانت مسمومة، وكان ذلك سنة 38 (الإصابة 3: 482).
ـ[احمد بن احمد بن عبدالله]ــــــــ[21 - 10 - 09, 11:11 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الشاوي ابو علوش]ــــــــ[22 - 10 - 09, 04:54 م]ـ
جزاك الله خيرا
لقد بحثت طويلا عن هذه التفاصيل فما وجدتها
شكرا
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[22 - 10 - 09, 07:27 م]ـ
بسم الله و الحمد لله
جزاكم الله خيرا اخوتي على المرور ...... أحببت أن انوه ان الموضوع منقول من المجلس اليمني
¥