فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[12 - 05 - 09, 02:08 م]ـ
في الآفاق وفي أنفسهم: ( http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=15&aid=8702)
بقلم محمد مسعد ياقوت
( http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=15&aid=8702)
موقع رسالة الإسلام ( http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=15&aid=8702)
أيها الأخ الحبيب: يقول الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فصلت53
ماذا عن قدرة الله في الآفاق؟ وماذا عن قدر الله في أنفسهم؟
ألم تعلم أن الله تعالى يريد أن يرينا آياتِه في الآفاق وأنفسنا؛ حتى يزدادَ المؤمنُ إيمانًا، ويزدادَ الكافرُ تبصرًا حتى يتبين له أن هذا هو كتابُ الله، وهو الحقُ من عنده؟
ولما أراد ربنا أن يلفت أنظارنا إلى عظيم خلقه، وإلى بديع قدرته، وإلى جميل تصويره، كان علينا إذن أن نسألَ أنفسَنا عن هذه العبادة، وعن هذه الطاعة.
أيها الأخ الفاضل: كم مرة تفكرت في عظيم خلق الله؟ كم مرة تدبرت آيةً من آيات الله في الآفاق وفي النفس؟ كم مرة تأملت الشمسَ والقمر، السماءَ والأرضَ, الليل والنهار، الماءَ والهواء، الطعام والشراب، الصحةَ والمرض، الموتَ والحياة، البعثَ والحساب؟
ألم تعلم أن الله تعالى قال في كتابه العظيم:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} آل عمران190
من هم أولو الألبابِ؟ من هم أولو العقولِ المستنيرةِ المفكرة؟
قال الله تعالى ـ يصفهم ـ:
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} آل عمران191
ألم تعلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في الحديث الذي رواه ابن حبان وصححه الألباني: " ويل لمن قرأها ولم يتفكرْ فيها .. {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} آل عمران190".
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا: " تفكروا في آلاء الله, و لا تفكروا في الله عز وجل " [أخرجه الطبراني في الأوسط وأورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة].
قال ابن رجب: صاحب جامع العلوم والحكم:
"إنَّ هذا التفكُّر أفضلُ من نوافل الأعمال البدنية, روي ذَلِكَ عن غير واحد من التَّابعين, منهم: سعيدُ بن المسيب, والحسن، وعمر بن عبد العزيز, وفي كلام الإمام أحمد ما يدلُّ عليهِ ".
...
إذن فلا يكونن الشاعر الجاهلي .. يفكر وأنت لا تفكر، فهذا زهير بن أبي سُلمى هداه التفكرُ إلى أن قال:
وأَعْلَمُ ما فِي اليومِ والأمْسِ قَبْلَهُ ... ولكنَّنِي عن عِلْم ما فِي غَدٍ عَمِ
فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ. . لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ. . لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ
...
الطريق عن الأمن:
نعم، يريدُنا أن نُعملَ عقولَنا في الآفاق وفي النفس؛ كما كان يصنعُ شيخ التوحيد، إبراهيمُ عليه السلام، فقد كان يقلبُ وجهه في صفحة السماء، ويقلب ناظريه في كون الله الفسيح:
" وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ {75} " [الأنعام]
لماذا يريه ملكوتَ السماوات والأرض؟ ليكون من الموقنين، المؤمنين؛ ليزدادَ إيمانُه، وليقوى يقينُه، وليمتليء قلبُه؛ نورًا، وسكينة, وطمأنينةً، وسعادةً، نعم: سعادة، وهل السعادةُ إلا لذةُ الأنُسِ بالله.
السؤال: مافائدةُ التفكر والنظرِ في ملكوت السماوات والأرض؟
الجواب: أن تكون من الموقنين.
السؤال: كيف؟
الجواب: أن تقلب ناظريك ـ متأملاً ـ في الآفاق وفي النفس.
قال المتنبي:
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ. . إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً. . أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
...
¥