تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ {76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ {77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {78} " [الأنعام]

وهكذا يسوقُ إبراهيمُ ـ عليه السلام ـ قومَه إلى التفكر، يدفعهم إلى النظر والتدبر، بل ويدفعهم دفعًا، وينساق معهم ليَفْجُأَهم بالحقيقة، بعد أن فند آلهتهم إلهًا إلهًا، وكوكبًا كوكبًا، وطاغيةً طاغيةً.

... إنني أعبد الذي خلق الكوكب والشمس والقمر، أدين للذي كور الكوكبَ والشمس والقمر, أخضع للذي أتى بالقمر ليلاً، وأتى بالشمس لتصنع النهار!

...

... "إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {79} وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ {80} وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {81} الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ {82} " [الأنعام].

وهذه ثمرة التفكر والإيمان والتوحيد، "لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"!

فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ والسعادة النفسيةِ، والراحةِ الروحانية؟ المترددُ الغافل، أم المؤمنُ المتفكر؟

يا من تشتكي الهمَ والغمَ، وقلةَ الأمن، عليك بالتفكر في عظيم قدرة الله في الآفاق وفي النفس.

...

بين يدي النمرود

وأتى إبراهيمُ على أصنام القوم فكسرها؛ "قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) " [الصافات]، وهو منطق الحديد والنار الذي يدقنه الظلمة.

"وذلك أنهم حَشَدوا في جمع أحطاب عظيمةٍ مدةً طويلة، وحَوّطوا حولها، ثم أضرموا فيها النار، فارتفع لها لهب إلى عَنَان السماء: ولم توقد نار قط أعظم منها، ثم عمَدوا إلى إبراهيم فكتفوه وألقوه في كفَّة المنجنيق، ثم قذفوا به فيها " [ابن كثير: التفسير 6/ 271].

فنادى الله على النار، "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ "الأنبياء69

فخرج منها سالمًا لم يمسسه سوء، وقد مكث فيها أيامًا.

فاستدعاه الملك الطاغية الذي أمر بإعدامه حرقًا ـ النمروذ ـ, ووقف إبراهيم بين يدي الطاغية.

قال الطاغية: من الذي أنجاك من النار؟

قال رب الذي يحيي ويميت؟

فقال النمروذ: أنا أحيي وأميت:

وأُوتى له برجلين قد استحقا القتلَ فأمر بقتل أحدهِما؛ فقُتل، وأمر بالعفو عن الآخرِ؛ ففكوا وَثَاقه وأطلقوه، فقال النمروذ: ها أنا ذا أحيي وأميت!

{قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} البقرة258

وقد سلبه الله ملكه، وقيل كان النمروذ أولُ ملكٍ في الأرض، وأولُ من وضع التاج على رأسه، وقد قتل اللهُ هذا الذي يدعي إحياءَ الموتى وإماتةَ الأحياء، فأماته الله ـ عز وجل ـ ببعوضة دخلت في أُذنه واستقرت بها، فلا يهدأ له بال حتى يضربَ على أم رأسه بالمطارق، كالكلب العقور، والجُعلِ الحقير.

وهكذا يدمر الله ممالكَ الجبابرة، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد:

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} آل عمران26

...

العزير:

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير