ولقد شهد التاريخ كثيرا من تلك المؤامرات وخاصة في عهد الشاه إسماعيل الصفوي فبعد الهزيمة المرة التي لحقت به في موقعة جالديران عام 960هـ أمام السلطان سليم, تحرك للتحالف مع البرتغاليين لتغطية الهزيمة, فأقام العلاقات معهم, وكان البرتغاليون أنفسهم يبحثون عن هذه العلاقات فقد كانوا جزء من أوروبا التي فرحت بظهور الدولة الصفوية حين لاحت لهم بظهورها فرصة انفراج الضغط العثماني عليهم وعلي تجارتهم ولذلك سعت الدول الأوروبية إلي إسماعيل تعرض عليه تثبيت عري الصداقة والمودة وتحثه علي إيجاد علاقات سياسية واقتصادية.
وعقدت اتفاقية بين الشاه إسماعيل الصفوي واليوكرك الحاكم البرتغالي في الهند نصت علي ما يلي:
1 - تصاحب قوة بحرية برتغالية الصفويين في حملتهم علي البحريين والقطيف.
2 - تتعاون البرتغال مع الدولة الصفوية في إخماد حركات التمرد في بلوجستان ومكران.
3 - تتحد الدولتان في مواجهة الدولة العثمانية.
4 - تصرف حكومة إيران الصفوية النظر عن جزيرة هرمز وتوافق علي أن يبقي حاكمها تابعا للبرتغال.
وأما اتفاقاتها مع جمهورية فينيسيا (البندقية) فكانت مخزية كذلك. فقد كانت فينيسيا من الدول المتأثرة تجاريا بسبب قضاء العثمانيين علي الدولة البيزنطية وإغلاقها الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وأسيا فأرسل الشاه إسماعيل السفراء إلي بلاط فينيسيا طالبا الهجوم علي العثمانيين عن طريق البحر وأن يقوم هو بالهجوم من ناحية البر بشرط أن تسترد فينيسيا قواعدها التي فقدتها في البحر الأبيض المتوسط.
ومن الدول التي كانت تسعي إيران لإيجاد علاقات معها للتخلص من الدولة العثمانية أسبانيا والمجر, حيث بعث الشاه إسماعيل برسالتين إلي أسبانيا والمجر طلب فيها عقد معاهدة صداقة وتعاون بينهم وعرض فكرة اتحاد بغرض سحق الأتراك العثمانيين.
كانت للشاه عباس كذلك اتصالات ومؤامرات مع الجانب الصليبي فقد قدم عباس عروضا للأسبان عن طريق البنادقة كي يتقاسما أراضي الدولة العثمانية فتحصل الأولي علي الجزء الأوروبي وتستأثر الثانية بالأسيوي ولم يكن هذا العرض سوي واحد من عروض كثيرة حملها سفراء إيرانيون وكانوا يقطعون المسافة بين أوروبا وإيران مجيئا وذهابا. كما أن عباس جعل إيران تتحالف مع قوة إنجليزية في الخليج وشجع البرتغاليين والهولنديين علي التجارة في بندر عباس.
كان هذا هو المنهج الذي نهجه الصفويون في تعاملهم مع الدول السنة, منهج كيد وتأمر ولذلك أثر علي كثير من مجريات الأمور واستفادت منه الدول الأوروبية أعظم استفادة. لقد كان لوجود الدولة الصفوية أثار سلبية علي العالم الإسلامي. فقد كانت سببا في انحسار المد الإسلامي في أوروبا, كما كانت سببا في تحول الشعب الإيراني السني إلي شعب شيعي يضمر العداء للمسلمين بدلا من أن يكون عونا لهم وبعدما كانت إيران دولة سنية حتي القرن العاشر الهجري وبعدما كانت إيران تقدم مئات العلماء والفقهاء والمحديثن والمؤرخين والمفسرين بل إن أصحاب عدد من أصول السنة كانوا في الأصل إيرانيين إذ بها تقدم كثير من المراجع الدينية التي تعتقد بتحريف القرآن وبرد السنة وأصبحت الدولة شوكة في جسد الأمة متنع من زحفها بالإسلام في شرق أوروبا.
ولقد كان شغل الدولة الصفوية الشاغل كيفية القضاء علي الدولة العثمانية السنية بأي وسيلة كانت ومن أجل هذا عقدت تحالفات مع الصليبين لمواجهة الدولة العثمانية وإيقاف زحفها علي أوروبا. والسبب في ذلك أن الدولة الصفوية تري أن الإسلام السني أعظم كفرا من كفر اليهود والنصاري وكون البلاد الأوروبية تبقي علي نصرانيتها خيرا من أن تنقلب إلي الإسلام السني.
الجهود الفكرية لهذه الدولة
ولما قامت الدولة الصفوية، صار هناك مجال كبير لوضع الروايات وإلصاقها بالإمام الصادق وبغيره من الأئمة
كما أخذ التشيع الإثنى عشري تتعمق فيه أكثر و أكثر جوانب الغلوا، فالحاج ميرزا حسين محمد النوري الطبرسي، المتوفى في عام 1320ه، بالنجف كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِ الأرباب)، والذي يدعي فيه أن القرآن الكريم فيه تحريفٌ وزياده ونقصان
¥