وللقاضي شعر دوَّنته الكتب التي ترجمت له، ويدور حول النسيب والتشوق إلى زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم)، والمعروف أن حياته العلمية وانشغاله بالقضاء صرفه عن أداء فريضة الحج، ومن شعره الذي يعبر عن شوقه ولوعته الوجدانية ولهفته إلى زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم):
بشراك بشراك فقد لاحت قبابهم
فانزل فقد نلت ما تهوى وتختار
هذا المحصب، هذا الخيف خيف منى
هذي منازلهم هذي هي الدار
هذا الذي وخذت شوقًا له الإبل
هذا الحبيب الذي ما منه لي بدل
هذا الذي ما رأتْ عين ولا سمعت
أذْنٌ بأكرمَ من كَفِّهِ إن سألوا
ولا يمكن لأحد أن يغفل كتابه العظيم "الشفا بأحوال المصطفى" الذي تناول فيه سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقصد من كتابه إحاطة الذات النبوية بكل ما يليق بها من العصمة والتفرد والتميز عن سائر البشر، في الوقت الذي كانت فيه آراء جانحة تخوض في مسألة النبوة، وتسوِّي بين العقل والوحي. ولما كان النص الشرعي مصدرًا أساسيًا للمعرفة وأصلا لا يحتمل النزاع فيه متى ثبت بالسند الصحيح، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) مصدر هذه المعرفة، فقد انبرى القاضي عياض ببيان مقام النبوة وصيانته من كل ما لا يليق به.
وفاته
عاش القاضي عياض الشطر الأكبر من حياته في ظل دولة "المرابطين"، التي كانت تدعم المذهب المالكي، وتكرم علماءه، وتوليهم مناصب القيادة والتوجيه، فلما حلَّ بها الضعف ودبَّ فيها الوهن ظهرت دولة "الموحدين"، وقامت على أنقاض المرابطين، وكانت دولة تقوم على أساس دعوة دينية، وتهدف إلى تحرير الفكر من جمود الفقهاء والعودة إلى القرآن والسنة بدلاً من الانشغال بالفروع الفقهية، وكان من الطبيعي أن يصطدم القاضي عياض -بتكوينه الثقافي ومذهبه الفقهي- مع الدولة القادمة، بل قاد أهل "سبتة" للثورة عليها، لكنها لم تفلح، واضطر القاضي أن يبايع زعيم "الموحدين" عبد المؤمن بن علي الكومي.
ولم تطُلْ به الحياة في عهد "الموحدين"، فتوفي في (9 من جمادى الآخرة 544 هـ = 14 من أكتوبر 1149م)
هوامش ومصادر:
ابن بشكوال: كتاب الصلة ـ الدار المصرية للتأليف والترجمة ـ القاهرة ـ 1966م.
القاضي عياض: ترتيب المدارك ـ تحقيق أحمد بكير محمود ـ مكتبة الحياة ـ بيروت ـ بدون تاريخ.
محمد الكتاني: القاضي عياض، الشخصية والدور الثقافي ـ مجلة الدارة ـ العدد الرابع ـ السنة السادسة عشر ـ 1411.
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[09 - 11 - 09, 01:00 ص]ـ
واستمع لهذه المحاضرة القيمة عن الامام القاصي عياض رحمه الله
http://www.irtclub.com/forum/url.php?ref=http://alahmad.com/node/27
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[09 - 11 - 09, 01:54 ص]ـ
في هذه المحاضرة وقع للشيخ صاحبها خطأ عند ذكر الامام الاصيلي من أئمتنا رضي الله عنه
فالقاضي عياض لم يدرك ولم يعاصر الاصيلي ولا الذي ذكر معه في المحاضرة
نفع الله بكم
دعواتكم لاخيكم
ـ[كاوا محمد ابو عبد البر]ــــــــ[10 - 11 - 09, 12:42 ص]ـ
بارك الله فيك، والقاضي عياض أسطورة في العلم، حيث أن شرح النووي لصحيح مسلم هو شرح القاضي عياض، ولو قرأته لوجدت النووي في بداية كل شرح لحديث يصدر بالقول:قال القاضي، يعني القاضي عياض، ومن أتى بعده كان عالة عليه.
واسمح لي اذا وثقت توقيعك وليتك تضيفه له: قال ابن القاسم: قال مالك:" لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها".
(البيان و التحصيل1/ 242) و (الاعتصام للشاطبي1/ 274).
أما اسناد الرواية فهو:
قال محمد بن أحمد العتبي قال سحنون أخبرني ابن القاسم قال: سمعت مالكاً يقول وذكره.
وهذا اسناد صحيح.