تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العامة، فلما لم يحضر صاحب الترجمة في الوقت المعتاد لذلك وهو قبل صلاة العشاء ثاروا في الجامع ورفعوا أصواتهم باللعن، ومنعوا من إقامة صلاة العشاء، ثم انضم إليهم من في نفسه دغل للدولة أو متستر بالرفض، ثم اقتدى بهم سائر العامة فخرجوا من الجامع، يصرخون في الشوارع بلعن الأموات والأحياء، وقد صاروا ألوفا مؤلفة.

• ثم قصدوا بيت الفقيه أحمد حاتم فرجموه، ثم بيت السيد إسماعيل بن الحسن الشامى فرجموه، وأفرطوا في ذلك حتى كسروا كثيرا من الطاقات ونحوها، وقصدوه إلى مدرسة الإمام شرف الدين يريدون قتله فنجاه الله، وهرب من حيث لا يشعرون، وقد كانوا أيضا قصدوا قتل الفقيه أحمد حاتم فهرب من الجامع إلى بيتى ونحن إذ ذاك نملى في شرحي للمنتقى مع حضور جماعة من العلماء، ثم بعد ذلك عزم هؤلاء العامة وقد تكاثف عددهم إلى بيت السيد على بن إبراهيم الأمير المتقدم ذكره ورجموه وأفزعوا في هذه البيوت أطفالا ونساء وهتكوا حرما، وكان السبب في رجمهم بيت السيد المذكور أنه كان في تلك الأيام يتصدر للوعظ في الجامع ولم يكن رافضيا لعانا، ثم عزموا جميعا وهم يصرخون إلى بيت الوزير الحسن بن عثمان العلفي، وإلى بيت الوزير الحسن بن على حنش المتقدم ذكره، والبيتان متجاوران، فرجموهما وسبب رجم بيت الأول كونه أموي النسب، ورجم بيت الآخر كونه متظهرا بالسنة متبريا من الرفض، فأما بيت الفقه حسن حنش فصعد جماعة من قرابته على سطحه ورجموهم حتى تفرقوا عنه، وأصابوا جماعة منهم أما بيت الفقيه حسن عثمان فرجموه رجما شديدا واستمروا على ذلك نحو أربع ساعات حتى كادوا يهدمونه، وشرعوا في فتح أبوابه ووقع الرمي لهم بالبنادق فلم ينكفوا لكونه لم يظهر لذلك فيهم أثر، إذ المقصود بالرمي ليس إلا مجرد الإفزاع لهم، ثم بعد ذلك غار بعض أولاد الخليفة حفظه الله وبعض أصحابه فكفوهم فانكفوا، وقد فعلوا ما لا يفعله مؤمن ولا كافر.

• وفي اليوم الآخر أرسل الخليفة حفظه الله للوزير والأمراء وقد حصل الخوف العظيم من ثورة العامة وطال التراود والمشاورة بينهم، ومن بعد ذلك أرسل لي حفظه الله فوصلت إليه حفظه الله فاستشارني، فأشرت عليه أن الصواب المبادرة بحبس جماعة من المتصدرين في الجامع للتشويش على العوام، وإيهامهم أن الناس فيهم من هو منحرف عن العترة، وأن التظاهر بما يتظاهرون به من اللعن ليس المقصود به إلا إغاظة المنحرفين ونحو هذا من الخيالات التى لا حامل لهم عليها إلا طلب المعاش والرياسة والتحبب إلى العامة.

• وكان من أشدهم في ذلك السيد إسماعيل بن عز الدين النعمى، فإنه كان رافضيا جلدا، مع كونه جاهلا جهلا مركبا، وفيه حدة تفضي به إلى نوع من الجنون، وصار يجمع مؤلفات من كتب الرافضة ويمليها في الجامع على من هو أجهل منه، ويسعى في تفريق المسلمين، ويوهمهم أن أكابر العلماء وأعيانهم ناصبة يبغضون عليا كرم الله وجهه، بل جمع كتابا يذكر فيه أعيان العلماء وينفر الناس، عنهم وتارة يسميهم سنية وتارة يسميهم ناصبة، ومع هذا فهو لا يدرى بنحو ولا صرف ولا أصول ولا فروع ولا تفسير ولا حديث، بل هو كصاحب الترجمة في التعطل عن المعارف العلمية لكن صاحب الترجمة يعرف فنا من فنون العلم كما قدمنا، وأما هذا فلا يعرف شيئا إلا مجرد المطالعة لمؤلفات الرافضة الإمامية ونحوهم، الذين هم أجهل منه.

• ويشبه الرجلين رجل آخر هو أحد عبيد مولانا الإمام حفظه الله اسمه ضرغام، رأس ماله الاطلاع على بعض كتب الرافضة، المشتملة على السب للخلفاء وغيرهم من أكابر الصحابة، فصار هذا يقعد في الجامع ويملى سب الصحابة على من هو أجهل منه.

• فهذه الأمور هي سبب ما قدمنا ذكره فلما أشرت على مولانا الإمام حفظه الله بحبس هؤلاء وجماعة ممن يماثلهم، حصل الاختلاف الطويل العريض في مقامه الشريف بين من حضر من أولاده ووزرائه، ومنشأ الخلاف أن من كان منهم مائلا إلى الرفض وأهله فهو لا يريد هذا، ومن كان على خلاف ذلك فهو يعلم أنه الصواب، وأنها لا تندفع الفتنة إلا بذلك، فصمم مولانا حفظه الله على حبس من ذكر، ثم أشرت عليه حفظه الله أن يتتبع من وقع منه الرجم ومن فعل تلك الأفاعيل، فوقع البحث الكلي منه ومن خواصه فمن تبين أنه منهم أودع الحبس والقيد، ومازال البحث بقية شهر رمضان حتى حصل في الحبس جماعة كثيرة.

• فلما كان رابع شوال طلب الإمام حفظه الله الفقهاء المباشرين للرجم فبطحوا تحت طاقته وضربوا ضربا مبرحا ثم عادوا إلى الحبس، ثم طلب في اليوم الثاني سائر العامة من أهل صنعاء وغيرهم المباشرين للرجم ففعل بهم كما فعل بالأولين، وضربت المدافع على ظهور جماعة منهم، ثم بعد أيام جعلوا في سلاسل حديد، وأرسل بجماعة منهم إلى حبس زيلع، وجماعة إلى حبس كمران، وفيهم ممن لم بياشر الرجم السيد إسماعيل بن عز الدين النعمي المتقدم، وسبب ذلك أنه جاوز الحد في التشديد في الغرض كما قدمنا، وأما صاحب الترجمة ومن شابههه في هذا المسلك فانه حبس نحو شهرين ثم أطلق هو ومن معه، وكذلك عامل الوقف السيد إسماعيل بن الحسن الشامى، والسيد على بن إبراهيم الأمير، والفقيه أحمد حاتم فإنهم حبسوا مع الجماعة وأطلقوا معهم.

• وبالجملة فهذه فتنة وقى الله شرها بالحزم الواقع بعد أن وجلت القلوب وخاف الناس واشتد الخطب وعظم الكرب وشرحها يطول وبعد هذه الواقعة بنحو سنة عول صاحب الترجمة في أن يكون أحد أعوان الشرع ومن جملة من يحضر لدي فأذنت له وصار يعتاش بما يحصل له من أجرة تحرير الورق وذلك خير له مما كان فيه إن شاء الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير