تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقتطف من خطاب الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله]

ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 12:07 م]ـ

مقتطف من خطاب الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله

مؤسس الدولة السعودية الحالية.

عناية: أبي الوليد الهاشمي

بين يدي الخطاب:

هذا بعض من خطاب ألقاه الملك عبد العزيز آل سعود رحمة الله عليه، عثرت عليه في ثنايا بعض الكتب العتيقة، فما إن نفضت عنها الغبار، حتى إذا بي بدُرّة عتيقة من الكنوز المدخرة، فعزمت على نقله للناس، فإن كنتُ ظفرت بالسبق فلله الحمد، وإن كان الخطاب معلومًا موجودًا، فهي طريق أخرى، يروى بها تعزِّز الموجود وتوثقه.

رواه الأستاذ الفقيه الأديب الصحفي: أحمد بن محمد الهواري، رئيس تحرير جريدة (السعادة) المغربية، في كتابه دليل الحج والسياحة، بعد أن كان حاضرا مجلس العشاء بإشراف الملك رحمه الله، وقد وصف جزاه الله خيرا كل كبيرة وصغيرة تعلقت بذلك الخطاب، وروى أهم النقاط فيه، لكنني اكتفيت منه بمقتطف تعلق بالدعوة إلى الله في ذلك الزمان.

فأسأل الله تعالى أن يكون هذا الخطاب منارًا للحكام المبتغين الطريق السديد، الراغبين في بلوغ السعادتين، سواء من أبنائه الخالفين له، أو غيرهم ممن ملكوا بلاد المسلمين.

وإلى كلام الأستاذ أحمد بن محمد الهواري، قال:

... استهل جلالة الملك عبد العزيز آل سعود خطابه الطويل ([1]) الذي ذكرنا في المقالة الأخيرة أنه ألقاه في مأدبة العشاء الكبرى التي أعدها للحجاج بقوله:

"أشكر الحق جل وعلا على أن أتاح لنا هذا الاجتماع بوفود بيت الله الحرام، الذين جاءوا لأداء فريضة الحج، التي هي ركن من أركان الدين.

ومن أهم غايات هذه الاجتماعات ولا ريب، التعارف والتناصح بين المسلمين؛ والتناصح لا يكون إلا بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة ... الخ)) [2].

إلى أن قال:

ومن واجب المسلم إسداء النصيحة للمسلمين، وإنارة السبل لهم؛ وأنا فرد من المسلمين، من واجبي أن أشرح لهم ما أنا عليه، وأن أبين لهم الطريق السوي؛ وإني أعتبر الكبير والدًا، والوسط أخا، والصغير ولدًا لي.

وقد جعلنا الله -أنا وآبائي وأجدادي- مبشرين ومعلمين بالكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، لا نتقيد بمذهب دون آخر، ومتى وجدنا الدليل القوي في أي مذهب من المذاهب الأربعة رجعنا إليه، وتمسكنا به، وأما إذا لم نجد دليلا قويا، أخذنا بقول الإمام أحمد، فهذا كتاب الطحاوية في العقيدة الذي نقرأه وشرحَه، للأحناف؛ وهذا تفسير ابن كثير، وهو شافعي؛ ولكن المسلمين تركوا سنة الرسول والسلف الصالح، واتبعوا أهواءهم وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) ([3])؛ وقال عليه السلام: ((إن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين ملة ... الخ)) ([4]).

إن الله يعفو عن كثير، وكل إنسان لا يرتجي شفاعة الرسول يكون جاهلا بأمور الدين.

نعم، الشفاعة ترجى، ولكن يقول: اللهم شفع محمّدًا فيّ.

فحقيقة التمسك بالدين هي اتباع ما جاء بكتاب الله، وسنة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح، هذا هو الذي أدعوا إليه، وما كان مخالفا لهذا القول فهو كذب وافتراء علينا.

أنا لا أبرئ نفسي، فذنوبي كثيرة، أرجو من الله الرحمة والغفران، وإنما غاية ما أرجو أن أكون صادقا في القول والعمل، في الباطن والظاهر، وأنا وإن كنت ملكا، ولكني أوقفت نفسي وعملي على ثلاث مسائل:

1 - أني أعمل ما فيه الخير والصلاح لديني إن شاء الله.

2 - ليس لي رغبة في معاداة أحد من المسلمين صغيرا كان أو كبيرا.

3 - أنا لا أحب الاعتداء على أي كان، وجلّ غايتي في كل وقت الدفاع عن ديني وبلادي وشرفي وأشهد الله على أني أتمنى وأسعى للائتلاف والتصافي في كل وقت وآن.

أنا قوي بالله تعالى، ثم بإيماني ثم بشعبي، وشعبي كل منهم كتاب الله في رقابهم، وسيوفهم بأيديهم، يناضلون ويكافحون في سبيل الله، ولست أدّعي أنهم أقوياء بعَددهم أو عُددهم، ولكنّهم أقوياء -إن شاء الله- بإيمانهم، و ((كَمْ مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ ... الخ)) [البقرة 249].

لقد ملكتُ هذه البلاد التي هي تحت سلطتي بالله، ثم بالشيمة العربية؛ وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي، وأنا أسير وإياهم كفرد واحد، لا أفضل نفسي عليهم، ولا أتبع في حكمهم غير ما هو صالح لهم ... الخ.

لقد حكَمَتْ هذه البلاد حكومات قوية ولكنها لم تقدر على تأمين الطريق، أما اليوم فالأمن سائد في طول البلاد وعرضها، قد لمستموه بأيديكم، وهذا من فضل ربي علينا، ونحن لا نقول هذا للافتخار، وإنما للإشارة إلى أننا -أنا وأسرتي وشعبي وجندي- جند من جنود الله، يسعى لخير المسلمين، ولتأمين راحة الوافدين إلى بيت الله الحرام، ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى)) [الأنفال 17].

رابطة الإسلام جامعة قوية، ولكنّ المسلمين فرّقهم التخاذل، فتفرقوا شيعا ... " ([5]).

انتهى المراد من الخطاب، وبالله التوفيق.

ـــــــــــــــــــــــــ ــ

[1]) كان هذا الخطاب في حج سنة 1352 الموافق لسنة 1934 للميلاد

[2]) رواه مسلم عن تميم بن أوس الداري.

[3]) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري

[4]) رواه ابن ماجه (3991) وغيره، بإسناد حسن ولفظه: ((إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة))، والحديث بمجموع رواياته صححه جمع من أهل العلم.

[5]) كتاب دليل الحج والسياحة ص150 - 151 - 152. طبعة سنة 1354هـ المغرب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير