وقال صاحب «النفحة العنبرية»: «أما سليمان، فهو أخو عبد الله بن موسى الجون، وهو جد الأشراف بني سليمان أهل المخلاف السليماني، وهم بطون شَتِّى يجمعهم ولد ولده، وهو موسى بن عبدالله بن سليمان بن موسى الجون» (27).
قلت: قلت: أخطأ صاحب «النفحة» في نسبة سليمان حين قال بأنه أخو عبد الله بن موسى الجون، والصحيح أنه ليس بأخي عبد الله بن موسى وإنما ابنه، وقد خالف بذلك اتفاق المحققين من علماء النسب، قال النَّسَّابة العبيدلي (ت435 هـ): «وهؤلاء ولد سليمان بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله بن حسن بن حسن، وفيهم عددٌ وأفخاذ وقبائل، وشِدَّة وبَأْسٌ ونَجَدَةٌ، وهم من فُرسان العرب وفُتَّاكها؛ والعقب من ولد سليمان بن عبد الله بن موسى الجون من رجل واحد وهو داود بن سليمان» (28).
وبهذا قال النَّسَّابة ابن حزم علي (ت456هـ) (29)؛ والنَّسَّابة علي بن محمد العُمري (ت قرن5هـ) (30)؛ والنَّسَّابة الجواني (ت588هـ) (31)؛ والنَّسَّابة فخر الدين محمد الرازي (ت606هـ) (32)؛ والنَّسَّابة إسماعيل الأزورقاني (ت بعد614هـ) (33)؛ والنَّسَّابة أحمد بن محمد الحسيني العبيدلي (ت قرن7هـ) (34)؛ والنَّسَّابة ابن الطقطقي محمد (ت709هـ) (35)؛ والنَّسَّابة الجَبَل ابن عنبة أحمد (ت828هـ) (36)؛ والنَّسَّابة أبو علامة المؤيدي (ت1044هـ) (37)، والنَّسَّابة محمد بن حيدر النعمي (ت1351هـ) (38)، وغيرهم.
قلت: ازداد يقيني بأن صاحب «النفحة» دخل في غير فنه؛ وأنه أخطأ خطأً جسيمًا في نسب الأشراف السليمانيين المشهورة لدى أهل اليمن وعلمائها؛ لأن الأشراف السليمانيين يسكنون في المخلاف السليماني اللّصيق بأرض اليمن؛ بل كانت بطون منهم تسكن أرض اليمن من قبل عهد صاحب «النفحة» وفي عهده وما زالت إلى يومنا هذا (39)، قال النَّسَّابة الجواني (ت588هـ): «السليمانيون، بطنٌ بالحجاز، واليمن، ومصر، وغير ذلك من البلاد، وهم ولد سليمان بن عبدالله بن الجون؛ منهم: الفاتكيون بنو أبي الفاتك عبدالله بن داود بن سليمان المذكور، وهم باليمن، وفيهم العدد، وكانت لهم إمرة باليمن وسلطنة» (40).
قلت: وزاد محقق كتاب «النفحة العنبرية» مهدي رجائي الكتاب ظلمة بقوله: «قد وقع المؤلف هنا في وهم وخبط عظيم، حيث زعم أن سليمان هذا هو ابن موسى الجون، بل هو سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون، والظاهر أن المؤلف ما كان يراجع كتب الأنساب، بل كان يكتب عمّا في خاطره وذهنه من المعلومات، وما كان يراجع المصادر المعتبرة» (41).
قلت: العجب منك أنت أيها المحقق، كيف تسوق هذا النسب للأشراف السليمانيين المخالف لما في الأصول والكتب التي حققتها، ومن هذه الأصول التي حققتها كتاب: «الشجرة المباركة» (42)؛ بل أقول أنت لم «تراجع المصادر المعتبرة» التي رَمَيْتَ بها صاحب «النفحة»؛ وما قلته في نسب سليمان باطلٌ، والصواب أنه: سليمان بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، باتفاق المحققين من علماء النسب، وقد تقدم ذكره.
وقال صاحب «النفحة العنبرية»: «داود المحمود بن موسى، وهو أخو سليمان بن موسى، وهو جد الأمراء بني داود»، ثم ساق نسبه فقال: «داود المحمود بن موسى بن سليمان بن موسى الجون» (43).
قلت: ما أبعده من قولٍ، أشهد أن صاحب «النفحة» ليس من «رجال هذه المحافل، ولا من فُرسان هذه الجَحافِل، أما علم أن الخارج عن لغته لحَّان، وأن الداخل في غير فَنّه يفضحه الامتِحان» (44)؛ ويصدق فيه قول القائل: (ليس هذا بِعُشِّكِ يا حَمَامَة فَأدْرُجِي).
فداود المحمود الذي أخطأت في نسبه، هو -باتفاق علماء النسب المحققين المتقدم ذكرهم- ليس ابنًا لموسى، إنما هو ابنٌ لسليمان بن عبد الله الرضا بن موسى الجون.
وقال صاحب «النفحة العنبرية»: «أولاد موسى بن عبد الله بن سليمان بن موسى الجون: سليمان، وأحمد، وداود المحمود؛ أما سليمان جد السادات فبدأنا بهم لكونهم ولاة الحرم الشريف؛ فلسليمان من الولد: عبد الله، ومن ولد عبد الله السيد قتادة بن إدريس بن مطاعن بن سليمان بن عبد الكريم بن عيسى بن سليمان بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن موسى بن عبد الله» (45).
¥