تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلما استيقظ، قلت: حبيبي رأيتك الساعة تبتسم في منامك ضاحكا قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني، قلت: ما هي؟ قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة، فبينما أنا أجول فيها، إذ رأيت قصرا من فضة شرفه من الدر والجوهر، وأبوابه من الذهب، وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور، وجوههن كالأقمار، فلما رأينني، قلن لي: مرحبا بك، فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن، فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض: هذا زوج المرضية، فقلن لي: تقدم يرحمك اللّه، فتقدمت أمامي، فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر، قوائمه من الفضة البيضاء، عليه جارية وجهها كأنه الشمس، لولا أن اللّه ثبت علي بصري لذهب، وذهب عقلي، من حسن الغرفة وبهاء الجارية، قال: فلما رأتني الجارية، قالت مرحبا وأهلا وسهلا يا ولي اللّه وحبيبه، أنت لي وأنا لك، فلما رايتها وسمعة كلامها اقتربت منها فلما كدت أن أضع يدى عليها قالت لى يا خليلى يا حبيبي أبعد الله عنك الخنا قد بقي لك من الحياه شيء وموعدنا معك غدا بعد صلاة الظهر فأبشر، قال أبو قدامة: فقلت له حبيبي رأيت خيرا وخيرا يكون، ثم بتنا متعجبين من منام الغلام.

قال أبو قدامة ثم إننا أكلنا فطورنا ثم ركبنا على دوابنا ومضينا إلى أصحابنا المرابطين فى الثغور قال فلما نزلنا عندهم قمنا وصلينا الفجر، ثم حضر عدونا فقام قائدنا وصف الجيوش بين يديه ثم تلا علينا سورة الأنفال وذكرنا بأجر الجهاد فى سبيل الله وبثواب الشهاده فى سبيل الله فما زال يحثنا على الجهاد على القتال، قال فبينما أتأمل من الناس حولى فإذا كل واحد منهم يجمع حوله إخوانه وأقربائه أما الغلام فلا أبا له يدعوا إليه ولا عما يقربه إليه ولا أخوة يجعله بين يديه فأخذت أراقبه وأنظر إلى حاله فلما نظرت فإذا الغلام فى مقدمة الجيش فأخذت أشق الصفوف فلما وصلت إليه قلت له يا بني ألك خبرة فى القتال والجهاد؟.

قال: لا هذه والله أول معركة وأول مشهدا أراه وأقاتل الكفار فيه، فقلت يا بني إن الامر على خلاف مافى بالك وذهنك إن الامر قتالا وإن الامر دما وصهيل ورمي نبال يابني فكن آخر الجيش فإذا كان نصرا انتصرت معنا وإن كانت هزيمة لم تكن أنت أول مقتول، يا حبيبي ارجع فأنت صبي ولا تعرف خدع الحرب، فنظر إلي بعجب وقال أنت تقول لي ذلك؟. قلت نعم أنا أقول لك ذلك فقال لى ياعم هل تريدنى أن أكون من أهل النار قلت له أعوذ بالله لا والله ماجئنا إلى الجهاد إلا هربا من النار وطلبا للجنان، قاليا عم: ألم تسمع قول اللّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}، أتريد أن أدخل النار.

فبينا هو يكلمني إذ حمل علينا المشركون حملة رجل واحد، فحالوا بيني وبين الغلام ومنعوني منه، واشتغل كل واحد بنفسه، وإن السيوف والله لا تثبت فى أيدينا فما زال القتال يشتد علينا قد انشغل كل منا عن الاخرين بنفسه وقتل خلق كثير من المسلمين فما زال يشتد علينا ويزيد حتى زالت الشمس ودخل وقت صلاة الظهر ثم هزم الله تعالى الصليبين، فلما افترق الجمعان، إذا القتلى لا يحصون عددا، فجعلت أجول بفرسي بين القتلى، ودماؤهم تسيل على الأرض، ووجوههم لا تعرف من كثرة الغبار والدماء.

فبدء كل واحدا من الناس يبحث فى أقربائه وأحبابه أما الغلام فلا أحد يسأل عنه وينظر فى خبره فبينما الحال على هذا قلت والله لأنظرن فى خبره لعله مقتول أوجريح أو لعل بعض أولئك الكفار قد أخذوه أسير وذهب به معهم لما هربوا وولو الادبار فبدأت أمشى بين القتلى والجرحى وأتلفت بينهم أنظر فبينما، فبينا أنا بين القتلى، إذ أنا بالغلام بين سنابك الخيل، قد علاه التراب وهو يتقلب في دمه ويقول: يا معشر المسلمين، باللّه ابعثوا لي عمي أبا قدامة، فأقبلت إليه عندما سمعت صياحه، فلم أعرف وجهه لكثرة الدماءوالغبار ودوس الدواب، فإذا الجسد جسد الغلام وإذا الرماح قد تسابقت إليه والخيل قد وطأة عليه فمزقت اللّحمان وأدمت اللسان وفرقت الاعضاء وكسرت العظام،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير