تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو تسأل الأيام ما اسمي ما درت ¤ وأين مكاني ما عرفن مكانيا

ولم يقف الأمر عند حد الإهمال فقط، بل تفاقم الأمر ببعض الخواص ومن أكابر أهل العلم في زمانه بأن يتطرق للتنقيص للتأريخ وأهله، وكان هذا سببا لقيام الحافظ السخاوي بتأليف كتابه / الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ.

وليس هذا مني تزيدا في الكلام، ولكن بيانا للأسباب التي أدت للغلط في الحقائق التأريخية حتى من قبل أهل العلم الذين لم يعنوا بهذا الفن، فإما يرفضه بعضهم بالكلية، أو يأخذونه على هناته ويقبلون كل ما جاء فيه من غير تحرير لماينقلون، وهذا لا يقل عن سابقه في حيدته عن السبيل السوية، وقد عقد العلامة المؤرخ ابن خلدون فصلا جليلا في مقدمته الشهيرة، اسماه:

< فضل علم التأريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط وذكر شيء من أسبابها > قال فيه < 9 >:

{وحتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه - أي فن التأريخ - في أحوال الدين والدنيا فهو محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق وينكبان به عن المزلات و المغالط لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة و قواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أوسمينا ... الخ).

وهذا ما حدا بالعلامة / محمد بن سليمان آل بسام أن يكتب ترجمة خاصة في شيخه / عبدالرحمن السعدي في تحقيقه لكتاب الشيخ السعدي التعليق وكشف النقاب على نظم قواعد الإعراب، حيث قال في مقدمة هذه الترجمة:

(فقد اطلعت على تراجم لشيخنا عبدالرحمن بن ناصربن عبدالله آل سعدي، فوجدت فيها بعض الأخطاء في أمور أتيقنها ولا شك فيها، وأمور أخرى يترجح عندي مخالفتها للواقع، فأحببت أن أضع له ترجمة موجزة، متحريا فيها الواقع) فانظروا كيف وقع الإختلاف بين أهل العلم في ترجمة رجل هم تلاميذ له وحصلت المعاينة له فكيف الحال مع من غبر.

وهذه دار الأرقم بن أبي الأرقم وشهرتها حصلت في الإسلام بحيث كان النبي صلى عليه وسلم يختبأ فيها هو وأصحابه، يقول العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في مجموع فتاواه ورسائله (1/ 158) بعد أن نقل النقول عن أهل العلم في موضعها: {وهذا كله على تسليم كون الدار المعروفة اليوم بدار الأرقم هي دار الأرقم في الواقع، وفي النفس من ذلك شيء، لأمرين: وذكر الأمرين رحمه الله}.

ومثل ذلك ما اشتهر في قبور الأنبياء في بعض البلدان، وقد تسمع أن قبور بعضهم في عدة بلدان كما هو الحال في قبر نبي الله أيوب عليه السلام فتجده في اليمن وتجده في عمان وتجده في الشام، وحقيقة الحال ما قاله العلامة محدث المدينة / حماد الأنصاري رحمه الله كما في المجموع في ترجمته {1/ 320}:

(ومن الجدير بالذكر أن علماء السلف أجمعوا على أنه لا يعرف قبر نبي بعينه إلا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في قاعدة التوسل والوسيلة وكتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان).

فلا شك أن ما نقله ابن ناصر الدين عن البرزالي في شأن مدائن صالح يعتبر نقلاً عزيزاً يحل إشكالا طالما أشكل على الأكابر.

وفي الحقيقة أن من تأمل الشكل المعماري لهذه المدائن وجد أنها تأخذ من نمط العمران العباسي ونظائرها في العراق كثير، فإنهم قد جلبوا أمهر البنائين ووقع في دولتهم من الحضارة مالم يسبقوا إليه، ولا شك أن كمال الصنائع إنما يحصل بكمال الحضارة وكثرتها بكثرة الطالب لها، والسر في حصول هذه المباني العظيمة، ما قاله ابن خلدون في مقدمته في فصل صناعة البناء < 409 >:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير