تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحرمازي: خرج السفياني في أيام أبي العباس ثم انهزم وتوارى حينا فقتل في أول خلافة المنصور. انتهى.

ومن باب الأمانة التاريخية فهنالك رواية أخرى تذكر أنه جلس معهم على الطعام وأحسن إليهم ثم جاءه شبل بن عبد الله مولى بني هاشم وأنشده شعرا قال فيه:-

أصبحَ الملك ثابتُ الأساسِ بالبهاليل من بني العباسِ

طلبوا وتر هاشم فشفوها بعد ميل من الزمان وياسِ

لا تقيلن عبد شمس عثاراً واقطعن كل رقلة وغرَاس

ذلها أظهر التودد منها وبها منكم كحد المواسي

ولقد ساءني وساء سوائي قربهم من نمارق وكراسي

أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان والإتعاسِ

واذكروا مصرع الحسين وزيد وشهيد بجانبَ المهراس

فبعد ذلك أمر بقتلهم.

والذي يظهر لي أن الرواية الأولى أقرب للصواب فقد يكون ذلك دافعا قويا لقتلهم.

وأما الرواية الثانية فالدافع لقتلهم ضعيف ولا سيما بعد إكرامهم.

وأما أبو مسلم الخرساني فرجل سفاك للدماء ولم يأت عن الخليفتين السفاح والمنصور أنهما أقراه على سفك كل هذه الدماء فقد كان واليا على خراسان ومعه الجنود يفعل ما يشاء وكان قبل ذلك موكلا بإقامة الدعوة في خراسان.

ثم لما ظهر لأمير المؤمنين المنصور فساد نيته وخبث طويته وكونه خطرا على استقرار الدولة عزم على قتله وأظهر ذلك لأخيه فلم يجبه فلما تولى الخلافة تأكد عنده فساد نية أبي مسلم وخطره على الدولة فقرر التخلص منه بأي طريقة فإنه يصعب التخلص منه بطريقة الحرب لطاعة الناس له فمكر به حتى أراح الناس من شره.

وقد قال رحمه الله وغفر له للناس عن قتله لأبي مسلم لو تعلمون ما أعلم لعذرتموني.

وإن كان في هذه الأفعال شيء من الكذب والخداع فقد قال ابن حجر في الفتح:-

قَوْله: (بَاب الْكَذِب فِي الْحَرْب)

تَرْجَمَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا " اِئْذَنْ لِي أَنْ أَقُول، قَالَ قُلْ " فَإِنَّهُ يَدْخُل فِيهِ الْإِذْن فِي الْكَذِب تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا

قَالَ النَّوَوِيّ: الظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة الْكَذِب فِي الْأُمُور الثَّلَاثَة، لَكِنَّ التَّعْرِيض أَوْلَى.

وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْكَذِب فِي الْحَرْب مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِز بِالنَّصِّ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَال، وَلَوْ كَانَ تَحْرِيم الْكَذِب بِالْعَقْلِ مَا اِنْقَلَبَ حَلَالًا اِنْتَهَى.

وَيُقَوِّيه مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَابْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَنَس فِي قِصَّة الْحَجَّاج اِبْن عِلَاط الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم فِي اِسْتِئْذَانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اِسْتِخْلَاص مَاله مِنْ أَهْل مَكَّة وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِخْبَاره لِأَهْلِ مَكَّة أَنَّ أَهْل خَيْبَر هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِيهِ.

والله أعلم.

ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[28 - 12 - 09, 11:42 ص]ـ

وأما التهمة بسفك الدماء

فأقول

أكثر من سفك الدماء عند قيام الدولة العباسية رجلين أبو مجرم الخرساني وعبدالله بن علي.

أما أبو مجرم الخرساني الذي قتل ستمائة ألف إنسان.

فقد كان موكلا بإقامة الدعوة في خراسان فخاض حروباً كثيرة فكان يفعل ما يشاء.

فليس كل فعل يفعله يقره عليه بنو العباس.

ومن هذه الأفعال القتل.

فقد نقل البلاذري في أنساب الأشراف (2/ 31) أن المنصور قال لأبي مجرم قبل أن يقتله:-

قتلت أهل خراسان وفعلت وفعلت. انتهى.

وقال أيضا (2/ 7):-

وقال الهيثم بن عدي: وجه أبو العباس حين استخلف أبا جعفر في ثلاثين من بني هاشم والفقهاء فيهم الحجاج بن أرطاة، إلى أبي مسلم ليهنؤوه بظهور الإمام وما فتح الله على يديه، ويعلموه ما كان له من الأثر الجميل عند أمير المؤمنين والذي هو عليه من شكره، فلما قدم عليه أبو جعفر وقف على بابه محجوبا ساعات. ثم أذن له ولم يظهر له من التبجيل ما كان يستحقه ولم يؤمره، فحقد عليه، فلما قدم على أبي العباس قال: إنه لا ملك ولا سلطان حتى تقتل أبا مسلم فقد أفرط في الدالة وعدا طوره، فأشار إليه أن أسكت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير