تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أبو سلمة الخلاَّل دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم في بني أوْدٍ وكتم أمرهم نحوا من أربعين ليلة من القواد والأمراء ثم ارتحل بهم بعد ذلك إلى موضع آخر، حتى فتحت البلاد ثم بويع للسَّفاح (204). كانت الدعوة العباسية قد ترسخت جذورها في الأرض، وبات القضاء عليها في منتهى الصعوبة، فلم يغير إلقاء القبض على إبراهيم بن محمد الإمام من الواقع شيئاً أو يُحدث خللاً في مسار الدعوة، إذ جاء الأمر متأخراً (205)، وقد كان إبراهيم هذا كريماً مُمدَّحاً، له فضائل وفواضل، رَوَى الحديث عن أبيه وجدَّه وأبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية وعنه أخواه عبد الله أبو العباس أبو هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية وعنه أخواه عبد الله أبو العباس السَّفاح، وأبو جعفر المنصور وأبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، ومالك ابن الهيثم ومن كلامه الحسن: قوله: الكامل المروءة من أحرز دِينه، ووصل رحمه، واجتنب ما يُلام عليه (206) وقد رثاه أحد الشعراء فقال:

قد كنت أحسبني جلداً فضعضعني ... قبراً بحّرانَ فيه عصمةُ الدين

فيه الإمام وخير الناس كلهم ... بين الصفائح والأحجار والطين

فيه الإمام الذي عمت مصيبته ... وعَيَّلتَ كلّ ذي مال ومسكين

فلا عفا الله عن مروان مظلمة ... لكن عفا الله عمّا قال آمين (207)

(3) سيطرة أبي مسلم على خراسان:

سعى نصر بن سيار للوصول إلى هدنة مع ابن الكرماني وشيبان الصغير للقضاء على أبي مسلم واستطاع الأخير أن يفسد تلك المساعي بدسائسه ومكره وخداعه فقد أسرع أبو مسلم فاعترف بابن الكرماني أميراً على خراسان وبدأ هو وأصحابه يصلي وراءه وهكذا نجح أبو مسلم في إشباع رغبة ابن الكرماني المتعطشة للسلطة والإمارة فلم يكن الوقت وقت منافسة على السلطة بل كان الهدف هو ضمان كسب اتباع ابن الكرماني إلى جانب الثورة العباسية وقد كانت هذه خطورة بارعة لضمان وحدة الجند الخرسانية في كتلة واحدة ولما يأس نصر من العون من العراق كتب إلى مروان رسائل لحثه على إمداده ولكن بدون جدوى، ولانشغال مروان بالحروب الداخلية في بلاد الشام والعراق والحجاز وبعد أن فشل نصر في محاولته الأولى لكسب ابن الكرماني وفي محاولته الثانية لكسب شيبان الصغير حاول هذه المرة أن يتقرب نحو أبي مسلم في نفس الوقت الذي ينتظر فيه الإمدادات من الخليفة لقد أمل نصر أن يفرق بين أبي مسلم وابن الكرماني فدبر أمر اجتماع حضرته وفود نصر المضرية ووفود ابن الكرماني ومندوبون عن أبي مسلم الذين امتدحوا وفد ابن الكرماني، وفضلوه على وفد نصر حيث قرر سليمان الخزاعي وطلحة الخزاعي ومزيد السلمي التحالف مع ابن الكرماني ضد نصر وبذلك كسبت الدعوة العباسية مصدر القوة في خراسان إلى جانبها ألا وهو القبائل العربية من أتباع ابن الكرماني (208).

(أ) خطة أبي مسلم للاستيلاء على العاصمة مرو:

كانت خطة أبي مسلم وابن الكرماني الآتية هي الاستيلاء على العاصمة مرو. وتختلف الروايات التاريخية في كيفية فتح مرو ولكن الظاهر أن أبا مسلم كان حذراً ومرناً في موقفه تجاه كتلة نصر وكتلة ابن الكرماني فرغم اعترافه بأن ابن الكرماني والياً على خراسان، فإنه كان يؤمل أن يكسب نصراً أو أتباعه إليه بطريقة أو بأخرى فضمن الحماية لوفد نصر الذي حضر الاجتماع الآنف الذكر، كما سمح نصر للشيعة العباسية بالتسوق من أسواق مرو دون مهاجمتهم، ولكن حدث وأن قام نزاع بين بكر بن وائل من ربيعة وبين بعض المضريين في سوق مرو، فساعد نصر المضرية بينما أنجد ابن الكرماني الربعية ودعى ابن الكرماني أبا مسلم إلى مساعدته والانضمام إليه، إلا أن أبا مسلم تشاغل حتى تأكد من احتدام الصراع العنيف فتدخل إلى جانب ابن الكرماني حيث دخلت قواتهما مرو في 130ه وعلى المقدمة أسيد الخزاعي وعلى الميمنة مالك الخزاعي وعلى الميسرة القاسم التميمي وهو يتلو: "ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه " (القصص، أية: 15). وأمر بالكف عن القتال (209) وأرسل أبو مسلم وفداً إلى نصر يعده الأمان إذا سلم نفسه ولكن نصر شاغل الوفد وهرب إلى نيسابور. ويروى أن لاهز بن قريضى حذر نصر من الاستسلام بتلاوة الآية: " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك" (القصص، أية: 20) وقد قتل لاهز جزاء عمله (210) وبدا الآن الوجه الحقيقي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير