تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ولقد لفتني من الدكتور طه حسين في كتابه (حديث الأربعاء) وهو مما وضع وقصص تمثيلية وهي ملخصة، أن له ولعًا بتعقب الزناة والفسّاق والفجرة والزنادقة، وقد يفكر القارئ أنه أدخل القصص التمثيلية في هذا الحساب، ويقول إنها ليست له وأن كل ما له فيها أنه ساق خلاصة وجيزة لها، وهو اعتراض مدفوع، لأن الاختيار يدل على عقل المرء ويشي بهواه كالإنكار سواء بسواء، وأن يختار المرء ما يوافقه ويرضاه ويحمله عليه اتجاه فكره حتى لا يسعه أن يتخطاه، ولست بمازح حين أنبه إلى ذلك، وها هو حديث الأربعاء: ما الذي فيه؟ كلام طويل عن العصر العباسي، وللعصر العباسي وجوه شتى وفي وسعك أن تكتب عنه من عدة وجهات، ولكن الدكتور طه حسين يدع كل جانب سوى الهزل والمجون ويروح يزعم لك أنه عصر مجون ودعارة وإباحية متغلغلة إلى كل فرع من فروع الحياة، فلماذا؟! لأية علة يقضي على الجوانب الأخرى لذلك العهد، بل قل لماذا لا يرى في غير الماجنين والخليعين صورة منه) اهـ فكر 54

* قول الدكتور حلمي مرزوق في كتابه تطور النقد والتفكير الأدبي الحديث:

1. (وأخطأُ الخطأ أن يوحي إلينا الدكتور طه حسين أن الأخلاق مواصفات الحياة الجامدة كأنها وليدة لإرادة العمياء، فهي فرض مكروه وإلزام أعمى يقتضي الحرب والإنكار، والقاعدة الأخلاقية ليست على هذا الجمود المزعوم وإنما تكمن وراءها آفاق من الشعور لا حصر لها، فهي خلاصة موقف إنساني متشابك الأطراف، أو هي أبعاد تجربة لا يمتنع أن تكون تجربة فنية خالصة، سيظل الناس كذلك يعتزون بالفن الأصيل ويتمثلون شعر الشعراء في مختلف الشئون ومواقف التصرف والسلوك، وذلك أفعل في خلق العرف وتصحيح الأخلاق) اهـ فكر 59

2. (ومن هنا أيضًا نشأ التضارب وما سار عليه طه حسين فيما أسلفنا من قوله (خسرت الأخلاق وربح الأدب) وهو موقف يوحي به ظاهر المذهب وعنه شاع هذا الخطأ حتى أصبح تبريرًا لكل تبذّل مقصود، وحجة يسوقها أنصاف الفنانين بين يدي الانحلال، يريدون أن يضفوا عليه ثوبًا من المشروعية الزائفة ينفقونه في سوق الغباء الفني، فغاية المذاهب الحقة تخليص الأدب من القيم الدخيلة عليه، ولم يكن قصاراه أن يقف من الأخلاق والأديان موقف التناقض والتدابير الذي وقفه طه حسين) اهـ فكر 60

الخاتمة

وبعدُ ففي الختام كلامٌ أنه قد ظهر جليًا واتضح لكي ذي عينين أن الأمر عند طه حسين ما هو إلا فجور أو دعوة إليه، وأن من تابعه على ذلك أو دار في مداره حتى بعد تبينه الحق وتمييزه بين الصواب والغلط فإنما يدخل في قول المثل (الطيور على أشكالها تقع) ولا يعرف الذباب إلا القذارات ولا تتعرف الخنازير إلا على القمامات، وظهر كذا أن الدكتور طه حسين لا يستأهل أن يكون في هذا الموضع الذي وُضع فيه على ظهر دبابة انقلاب فكري لم يحمده أي من فحول الأدب والبلاغة ونحويي عصرنا الحالي، ورأينا أن المنصفين الذين عايشوه وعاصروه وتتلمذ بعضهم على يديه انصرفوا عنه وقد تأكد لديهم أن طه لا يمكن أن يكون من أهل الشعر ولا القصة ولا أ ي نوع من أنواع الأدب، بل هو من دعاة قلة الأدب وتحريره من كل ربقة لدين كما ادّعى وتعقب لأجل ذلك قصص المجان والزناة والفسّاق وأولع به تمامًا، وكما أنه لا يجوز لنا أن نستفتي نجارًا في قضية تتعلق بذبح الأضاحي، كذلك لا ينبغي لنا أن نلتفت إلى أقوال طه فيما يجمع العلماء المعتبرون أنه غير خبير ولا ملم به إلا عن طريق مسموعاته من هنا وهناك أو عن طريق قراءته العبارة، وهذا مما يأباه العقل السليم وتمجه الفطر الرشيدة، ولذا كان من الضروري بمكان أن تنتبه الأمة جمعاء إلى النوايا الخبيثة والدوافع التغريبية اللئيمة لدى هذا الرجل وأن يقوم فيها من يظهر ضلالاته ويحذر الناس من أخطاره الفكرية وسقطاته في شتى المجالات. ونسأل الله أن يكلل عملنا بالتمام المفيد والكمال الحلو المتجانس الأطراف والثنايا. والله يوفق

تم الكلام وربنا محمود وله المكارم والعلا والجود

وعلى النبي محمد صلواته ما ناح قمريٌّ وأورق عود

ثبت الموضوعات

الإهداء


1
المقدمة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير