رابعًا: لعل تشابه أسماء أمراء مكة من الأشراف الهواشم الأمراء، و الأشراف الجعفريين كان سببًا في وقوع ابن فندق في هذا الخلط والتصحيف، لأن الأشراف الهواشم الأمراء في نسبهم:» ?جعفر بن محمد «?، و» ?أبو هاشم محمد الأمير بن الحسين الأمير «? (35)، والأشراف الجعفريون في نسبهم:» ?جعفر بن محمد «?، و» ?أبو جعفر محمد الأمير بن الحسين الأمير «(36).
• الوهم الثالث: قال ابن فندق في «لباب الأنساب» عن جد الأشراف الهواشم الأمراء والقتاديين: «محمد بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون، كان له عقب بالتمام، ثم انقرضوا (37)» (38).
قلت: تسرع ابن فندق في النفي –وهذه آفة عظيمة-، بل ناقض نفسه؛ ودليل ذلك أنه ذكر لمحمد بن موسى عقبًا، وهو أمير مكة في زمانه قاسم بن هاشم بن فليتة (ت565هـ) (39).
وناقض ابن فندق نفسه في موطن آخر، فقال:» ?أبو عبدالله محمد الأصغر بن موسى الثاني بن عبدالله السويقي، له عدد وجماعة بالحجاز والبادية من الأمراء والأجلاء «? (40).
وناقض نفسه أيضًا في موطن آخر، فقال: «والعقب من الأمير الحسين بن محمد الأكبر بن موسى بن عبدالله رجلان: أبو جعفر محمد الأمير، وأبو هاشم محمد»، ثم ذكر أعقابهم (41).
بل إن ابن فندق بنفيه عقب محمد الأكبر بن موسى الثاني بن موسى الجون، قد خالف إجماع علماء النسب القائلين بأن له أعقاب؛ من ذلك: النَّسَّابة شيخ الشرف العبيدلي (ت435هـ) (42)؛ والنَّسَّابة ابن حزم علي (ت456هـ) (43)؛ والنَّسَّابة علي بن محمد العُمري (ت قرن5هـ) (44)؛ والنَّسَّابة الجواني (ت588هـ) (45)؛ والنَّسَّابة فخر الدين محمد الرازي (ت606هـ) (46)؛ والنَّسَّابة إسماعيل الأزورقاني (ت بعد614هـ) (47)؛ والنَّسَّابة أحمد بن محمد الحسيني العبيدلي (ت قرن7هـ) (48)؛ والنَّسَّابة ابن الطقطقي محمد (ت709هـ) (49)؛ والنَّسَّابة الجَبَل ابن عنبة أحمد (ت828هـ) (50).
بل خالف ابن فندق بنفي أعقاب محمد بن موسى الثاني بن موسى الجون، إجماع مؤرخي مكة المحققين، وعلى رأسهم الحافظ النَّسَّابة المحقق تقي الدين الفاسي (ت832هـ) (51)، والمؤرخ عبد العزيز بن عمر بن فهد (ت 922?هـ) (52)، والمؤرخ ابن ظهيرة محمد جارالله القرشي (ت 986هـ) (53)، وغيرهم من مؤرخي مكة (54).
مجازفات ابن فندق وتسرعه بنفي أعقاب أعلام معقبين:
تقدم الرد على مجازفات وتسرع ابن فندق بنفي أعقاب محمد الثائر بن موسى الثاني، وابنه عبدالله بن محمد الثائر، وليست هي الأولى، بل كتابه حافل بتسرعه في النفي؛ وإليك بعض الأمثلة:
• قال ابن فندق في «لباب الأنساب»: «داود، وعيسى، وأحمد، وجعفر، وحمزة، بنو إدريس بن إدريس، درجوا (55) ولا أعقاب لهم» (56).
قلت: تسرع وجازف ابن فندق بنفي عقب داود بن إدريس؛ فداود بن إدريس الأصغر بن إدريس له عقب لم ينقرض، قال النَّسَّابة العمري (ت القرن5هـ): «قال صاحب «السفرة» (57): أعقب داود بن إدريس بفاس ووشنانة إلى صدنية جماعة وهم بها مقيمون، وقال الموضح (58): هم بالنهر الأعظم من المغرب» (59).
ومن الأدلة على بطلان كلام ابن فندق، أن النَّسَّابة الجواني (ت588هـ) المعتني بأنساب الأشراف الأدراسة وله فيهم كتاب «النفيس في نسب بني إدريس» شهد ببقاء عقب داود بن إدريس في قوله: «داود بن إدريس عشيرة» (60).
أما عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الذي نفى ابن فندق بقاء عقبه، فله عقب، قال النَّسَّابة العمري (ت القرن5هـ): «عيسى بن إدريس أعقب ببلد «ولهاضة» و «مكلاية» فمن ولده: القاسم كنون بن عبدالله بن يحيى بن أحمد بن عيسى بن إدريس مؤلف «نسب بني عيسى» في قول شيخنا أبي الحسن (61)» (62).
ومن الأدلة على بطلان كلام ابن فندق، أن النَّسَّابة الجواني (ت588هـ) المعتني بأنساب الأشراف الأدراسة، شهد ببقاء عقب عيسى بن إدريس في قوله: «عيسى بن إدريس بطن» (63).
وقال النَّسَّابة الأزورقاني (ت بعد614هـ): «ولعيسى بن صاحب التاج [أي إدريس الأصغر] خمسة معقبون: أحمد وهو أكثر اخوته عقبًا، وهارون مقل، ومحمد ذيل وطول، وموسى له أولاد، وهم جميعًا بالمغرب» (64).
وقال النَّسَّابة ابن عنبة (ت828هـ): «أعقب عيسى بن إدريس بن إدريس ببلد ملكانه، فمن ولده القاسم كنون بن عبدالله بن يحيى بن أحمد بن عيسى بن إدريس» (65).
• قال ابن فندق في «لباب الأنساب»: «أحمد، وإدريس ابنا محمد بن سليمان، لا عقب لهما» (66).
¥