[كسوة الكعبة ... تاريخ وتشريف]
ـ[العوضي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 01:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(الكسوة الشريفة) .. من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، ويرتبط تاريخ الكسوة بتاريخ الكعبة نفسها التي زادها الله شرفاً وتعظيماً، ولها أعظم الأثر عند عامة المسلمين تاريخاً وعقيدة، فهي أول بيت وضع للناس ومن دخله كان آمناً .. ولقد اختلف المؤرخون في أول من كسا الكعبة في الجاهلية إلا أنهم أجمعوا بأن الكعبة كانت تكسى بالعديد من الكسوات، ويروى أن أول من كسا الكعبة هو (تبع الحميري) فقد ذكر الأزرقي أنه أول من كسا الكعبة كسوة كاملة ... فكساها الأنطاع ثم ... الوصائل ... ) وهو الذي جعل للكعبة باباً ثم أسدل عليه ستراً.
http://www.midad.me/images/kabaa_kesqah.jpg
الكسوة في العصر الإسلامي:
أشرق نور الإسلام واتجه المسلمون إلى الكعبة أشرف وأنبل مكان يؤدون الصلاة يومياً متجهين إليه، ويحجون مرة كل عام (من استطاع) ويطوفون بالبيت العتيق.
واستمر المسلمون على ما كان أجدادهم عليه ومن سبقهم قبل الإسلام في إكساء الكعبة, وكتب التاريخ تزخر بأسماء من قام بإكساء الكعبة, مبتدئة بالرسول الكريم إذ يروي أنه - صلى الله عليه وسلم - كسا الكعبة ثياباً يمنية, وكان ينفق عليها من بيت مال المسلمين, وحرص من جاء بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على إرسال الكسوة إلى الكعبة، فالخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - كسا الكعبة بكساء لا نعرف نوعه، ثم كساها الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بكسوة سنوية تنسج من القباطي المصرية المصنوعة في مصر وينفق عليها من بيت مال المسلمين, وكان يأمر بنزع الكسوة القديمة في كل سنة ويقسمها على الحجاج، وسار الخليفة عثمان - رضي الله عنه - على نفس المنوال إلا أنه رأى أن تباع الكسوات القديمة وتنفق أثمانها في سبيل الله.
أما في العصر الأموي فقد كان الخليفة معاوية يكسو الكعبة مرتين في السنة الأولى من نسيج القباطي في نهاية شهر رمضان, والثانية من الديباج في اليوم العاشر من محرم، ويروي القلقشندي أن شيبة بن عثمان سادن الكعبة أيام معاوية - رضي الله عنه - كان قد استأذن معاوية بتخفيف الكعبة مما عليها من كسوات قديمة بعضها يعود إلى الجاهلية, فأذن له معاوية وطلب إليه أن يطيب جدرانها بالروائح العطرة (الخلوق) ففعل.
لقد قام العباسيون بدور كبير في تطوير صناعة النسيج وإنتاج أنواع متعددة من المنسوجات العراقية يتم نسجها في دور الطراز الخاص ودور الطراز العامة في مدينة دار السلام وغيرها من مراكز النسيج العراقية, فالخليفة المهدي سنة 160هـ كان قد كسا الكعبة بكسوة حملها معه من بغداد في موسم الحج، وقد أبدى له سدنة الكعبة خوفهم من انهيار جدران الكعبة لكثرة ما عليها من الكسوات, فما كان منه إلا أن أمر بأن يرفع جميع ما عليها من الكسوات ويقتصر على الكسوة الجديدة التي حملها معه، وقيل إنه حمل معه ثلاث كسوات كانت من نسيج القباطي والخز والديباج.
يتضح مما تقدم الدور السياسي الذي أدته كسوة الكعبة إضافة إلى دورها الفني, فاهتمام الخلفاء العباسيين بإرسال الكسوة يدل دلالة واضحة على مدى قوة مركزهم واهتمامهم بكسب رضا الناس عن طريق العناية بالكعبة.
واهتم مماليك مصر بالكعبة الشريفة وبكسوتها وأوقفت لهذا الغرض واردات قريتين في نواحي دمياط، وخصصت لصناعتها دار عرفت باسم دار الكسوة ومن هؤلاء المماليك السلطان الظاهر بيبرس -661هـ- والسلطان إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون ثم السلطان حسن -761هـ-.
وعندما استولى العثمانيون على مصر وامتد سلطانهم حتى شمل معظم الجزيرة العربية وقع على عاتقهم إرسال هذه الكسوة إلى الكعبة وأوقفت لهذا الغرض أوقاف كثيرة، وأصبحت عادة إرسال الكسوة بعد ذلك فرضاً على كل وال.
دور الكسوة:
كانت تصنع الكسوة في قرية (تونة) من أعمال تنيس ... فيقول الفاكهي: (ورأيت أيضاً كسوة لهارون الرشيد من قباطي مصر مكتوباً عليها: بسم الله بركة من الله للخليفة الرشيد عبد الله هارون أمير المؤمنين أكرمه الله مما أمر به الفضل بن الربيع أن يعمل في طراز (تونة) سنة تسعين ومائة ... ).
¥