[مصادرة الفرنسيين لأملاك الجزائريين عام 1830م]
ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[02 - 03 - 10, 08:07 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذه صفحة من صفحات الإستعمار الفرنسي في الجزائر يرويها لنا الدكتور أبو القاسم سعد الله في كتابه (تاريخ الحركة الوطنية) آثرت نقلها هذه المرة لرسم صورة بسيطة عن الجرائم التي ارتكبها الفرنسيون في حق الجزائر وأهلها حيث تحدث الدكتور الفاضل عن تاريخ مصادرة أملاك الجزائريين الخاصة والعامة وأملاك الأوقاف وتجريد المسلمين من حقوقهم ووضعها بيد شذاذ الآفاق من حثالات أروبا لعلّها تنفض شيئا من الغبار المتراكم على الذاكرة الشعبية لبعض الجزائريين ممن أصبح يمكن للإستعمار الحديث تحت شعارات شتّى على كل لن أطيل وأترككم مع المقال:
مصادرة الأملاك ....
كانت مدينة الجزائر تضم عند غزو الفرنسيين أملاكا متنوعة وكثيرة كان بعضها للدولة وبعضها للأوقاف وبعضها للأفراد .. إلخ ومنذ الغزو لم ينتظر الفرنسيون نتائج حملتهم لتقرير مصير هذه الأملاك بل أخذوا يتصرّفون فيها كما لو كانت ملكا لهم وطبقا لقوانينهم ورغم النص الصريح في اتفاق حسين باشا -بورمون على احترام الأملاك الخاصة فإنّ الفرنسيين ضربوا بوعودهم عرض الحائط واستهتروا بالإتفاق حتى أن كلوزيل أجاب حمدان خوجة عندما احتج له به بأنّ الإتفاق لم يكن سوى (لعبة حرب).
وحسب المصادر الفرنسية فإن تلك الأماكن كانت سنة 1830 مصنفة على:
1 - أملاك البايلك (الدولة) وعددها خمسة آلاف ملكية قيمتها تقدر بأربعين ألف فرنك عندئذ وقد تحولت جميعها إلى الدولة الفرنسية باعتبارها هي التي حلت محل الدولة الجزائرية ويشمل ذلك بدون شك الثكنات العسكرية والمباني الرسمية وقصور الحكام والوزراء وكبار الموظفين ونحو ذلك.
2 - أملاك بيت المال وكانت تشمل ما يؤول إلى بيت المال من الأملاك المحتجزة ومن لا وارث له ,,إلخ ولا نعرف قيمة هذه الأملاك لأن المصادر لم تذكرها.
3 - الأملاك الخاصة وتشمل العقار وغيره وهي الأملاك التي يملكها الأفراد سواء كانوا حاضرين أو غائبين ولا نعرف أيضا قيمتها في احصاء سنة 1830 المشار إليه
4 - أملاك الأوقاف وتشمل سبعة أنواع وهي أضخم وأخطر الأملاك
وأنواعها هي:
-أوقاف مكة والمدينة (أكثرها وأغناها)
-أوقاف المساجد (من أعظمها وقف الجامع الكبير)
-أوقاف الزوايا والقباب (الأضرحة)
-أوقاف الأندلس
-أوقاف الأشراف
-أوقاف الإنكشارية
-أوقاف الطرق العامة
أوقاف عيون الماء (76)
ولا نعرف قيمة هذه الأوقاف في الإحصاء المذكور غير أنهم يذكرون أن لها دخلا عظيما
وبمجرد الاستيلاء على المدينة وإباحتها للجند من قبل بورمون كما عرفنا لم يتحرج الجيش الغالب من سكنى الثكنات التي سارع الفرنسيون بإفراغها وترحيل من فيها إلى آسيا الصغرى بدعوى أنهم من مواليدها (كما لو كان الفرنسيون عندئذ قد ولدوا بالجزائر)
كما سكنوا واحتلوا القلاع والأبراج والأبواب الرئيسية للمدينة ومن ذلك قلعة باب عزون وبرج بوليلة (أو قلعة مولاي حسن-الامبراطور) وباب الجهاد ... إلخ وسكن الضباط في فيلات (الأتراك) السابقين وكذلك أحواش ودور أعيان الجزائريين الذين خرجوا من المدينة مؤقتا حتى تنجلي الغمة.
وفي نفس الوقت ضم الغزاة أموال بيت المال إلى أملاك دولتهم (الدومين) وأصبحت اللجنة التي أنشأها بورمون باسم اللجنة المالية أو الحكومية هي التي تشرف على ذلك وصادر الفرنسيين أملاك الخواص من الاتراك والكراغلة. أمّا الأوقاف فقد بقيت في يد وكلائها المسلمين إلى مجيء كلوزيل (1830) كما سنرى.
وابتداء من سبتمبر 1830 غير كلوزيل الموقف أيضا من الأوقاف. ومهما كانت الصيغ التي عرفتها مرحلة 1830 - 1842 فان النتيجة واحدة وهي مصادرة الأوقاف وضمها إلى الدومين وجعل ريعها تابعا لصالح الإدارة الاستعمارية دون تعويض أصحابها ودون صيانتها بل ان الكثير منها قد هدم وأذيب دخله في الميزانية العامة للدولة. ولكن ذلك لم يتحقق فجأة بل مرّ بمراحل وقرارات كانت تهدف إلى وضع أيديهم على هذا المصدر المالي الإسلامي الذي كان الغذاء الوحيد (دون تدخل ميزانية الدولة في العهد العثماني) للتعليم والترقية الإجتماعية (77)
¥