تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرافعي .. بقلم أبي فهر -رحمهما الله-]

ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[09 - 03 - 10, 04:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وإيّاه أستعين

فاتحة الكتاب

محمود محمد شاكر

إن كنت لست معي فالذكر منك معي

.............................. ...... يراك قلبي وإن غيّبت عن بصري

العين تبصر من تهوى وتفقده

.............................. ...... وناظر القلب لا يخلوا من النظر

رحمك الله يا (أبا سامي) ورضي عنك وغفر لك ما تقدم من ذنبك وجزاك خيرا عن جهادك (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12)) [57 سورة الحديد: الآية: 12].

كتب (سعيد) – لا أخلى الله مكانه وخطّيء عنه السوء – هذا الكتاب الذي يسعى بين يديه يردّ به إلى الحياة حياة استدبرت الدنيا وأقبلت على الآخرة بما قدّمت من عمل وثم الميزان الذي لا يخطئ والناقد الذي لا يجوز عليه الزيف والحاكم الذي لا يقدح في عدله ظلم ولا جور والبصير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور قد استوت عنده دجنّة السّرّ ونهار العلانيّة وقد فرغ الرافعي –رحمه الله- من أمر الناس إلى خاصّة نفسه ولكنّ الناّس لا يفرغون من أمر موتاهم ولو فرغوا لكان التّاريخ أكفانا تطوى على الرّمم لا أثوابا تلقى على الميت لتنشره مرّة أخرى حديثا يؤثر وخبرا يروى وعملا يتمثّل وكأن قد كان بعد إذ لم يكن.

وهذا كتاب يقدّمه (سعيد) إلى العربية وقرّائها يجعله كالمقدّمة الّتي لابدّ منها لمن أراد أن يعرف أمر الرافعي من قريب.

لقد عاش الرّافعي دهرا يتصرّف فيما يتصرّف فيه الناس على عاداتهم وتصرّفه أعمال الحياة على نهجها الذي اقتسرته عليه أو مهّدته له أو وطّأت به لتكوين المزاج الأدبي الّذي لا يعدمه حيّ ولا يخلوا من مسّه بشر.

وأنا – ممّا عرفت الرّافعي رحمه الله ودنوت إليه ووصلت سببا منّي بأسباب منه – أشهد لهذا الكتاب بأنّه قد استقصى من أخبار الرافعي كثيرا إلى قليل ممّا عرف عن غيره ممّن فرط من شيوخنا وكتابنا وأدبائنا وشعرائنا وتلك يد لسعيد على الأدب العربي وهي أخرى على التاريخ ولو قد يسر الله لكلّ شاعر أو كاتب أو عالم صديقا وفيّا ينقله إلى الناس أحاديث وأخبارا وأعمالا كما يسر الله للرافعي لما أضلّت العربية مجد أدبائها وعلمائها ولمّا تفلّت من أدبها علم أسرار الأساليب وعلم وجود المعاني التي تعتلج في النفوس وترتكض في القلوب حتّى يؤذن لها أن تكون أدبا يصطفى وعلما يتوارث وفنّا يتبلّج على سواد الحياة فتسفر عن مكنونها متكشّفة بارزة تتأنّق للنفس حتى تستوي بمعانيها وأسرارها على أسباب الفرج ودواعي السرور وما قبل وما بعد.

والتّاريخ ضربان يترادفان على معناه ولكلّ فضل: فأوّله رواية الخبر والقصة والعمل وما كان كيف كان وإلى أين انتهى وهذا هو اّلذي انتهى إلينا من علم التاريخ العربيّ في جملته وعمود هذا الباب صدق الحديث وطول التّحرّي والاستقصاء والتّتبع وتسقط الأخبار من مواقعها وتوخّي الحقيقة في الطلب حتّى لا يختلط باطل بحقّ. وأمّا التاريخ الثاني فإيجاد حياة قد خرجت من الحياة وردّ ميت من قبر مغلق إلى كتاب مفتوح وضمّ متفرّق يتبعثر في الألسنة حتى يتمثّل صورة تلوح للمتأمل وهذا الثاني هو الذي عليه العمل في الإدراك البياني لحقائق الشعراء والكتّاب ومن إليهم ومع ذلك فهو لا يكاد يكون شيئا إلاّ بالأوّل وإلاّ بقي اجتهادا محضا تموت الحقائق فيه أو تحيا على قدر حظّ المؤرّخ والناقد من حسن النّظر ونفاذ البصيرة ومساغه في أسرار البيان متوجّها فع الدّلالة مقبلا ومدبرا متوقّيا عثرة تكبّه على وجهه متابعا مدرجة الطّبائع الإنسانية – على تباينها واختلافها - حتّى يشرف على حيث يملك البصر والتمييز ورؤية الخافي وتوهّم البعيد ويكون عمل المؤرّخ يومئذ نكسة يعود بها إلى توهّم أخبار كانت وأحداث يخالها وقعت ويجهد في ذلك جهدا لقد غني عنه لو قد تساوقت إليه أخبار حياة الشّاعر أو الكاتب واجتمعت لديه وألقيت كما كانت أو كما شاهدها من صحبه واتّصل إلى بعض ما ينفذ إليه الإنسان من حال أخيه الإنسان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير