ـ[العوضي]ــــــــ[24 - 03 - 10, 12:21 ص]ـ
اهتمامه بالقراءة والتاريخ
كانت القراءة رافداً مهما ورئيسياً في حياته العلمية وطلبه للعلم، لاسيما وقد كان يمتلك- رحمه الله – ذاكرة قوية ودقة وضبطاً للمعلومة لا تتوفر إلا عند قليل من الناس، سواء الضبط الرقمي - وهو صاحب العقلية الرياضية الفذة - أو الضبط القصصي والتسلسلي للأحداث والأشخاص والأفكار، وقد كان يقول لتلاميذه: ما سمعت شيئاً أو قرأته إلا حفظته.
ورغم أنه واجه صعوبات عديدة في الحصول على الكتب في أول حياته - يرسل من يعرف من الحجاج لشرائها من مكة - إلا أنه كون مكتبة جيدة حوت العديد من المصادر العلمية في علوم وفنون مختلفة.
كان رحمه الله مهتماً بالتأريخ إلى حد كبير، يمضي معظم وقته في الاطلاع على أمهات الكتب، ويقرأ عن جميع العصور منذ عصر الأمم البائدة والتاريخ العربي القديم إلى هذا العصر، كما قرأ عن جميع الحضارات والدول والشعوب ولاسيما في الجزيرة العربية واليمن والعراق والشام ومصر والمغرب العربي والأندلس .. أما نجد (قلب الجزيرة العربية) فقد حظيت بمزيد من الاهتمام في دراسة تأريخها وقبائلها وما وقع على أرضها من أحداث في قديم الزمان وحديثه, فكان كثيراً ما يقرأ عن هذا المنطقة لكونه نشأ على أرضها وعاش عليها آباؤه وأجداده فكان يبحث عن كل ما يتصل بها، مع أن نجداً قد عاشت فترات ضَعُفَتْ فيها الكتابةُ بل عاشت قروناً لم يكتب عنها شيءٌ يذكر.
ومن أبرز الكتب التي كاد يحفظها: كتاب البداية والنهاية لابن كثير، والكامل في التاريخ لابن الأثير، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والسيرة النبوية لابن هشام، وصفة جزيرة العرب للهمداني، وعيون الأخبار لابن قتيبة، وسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب للسويدي، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسي، وعنوان المجد لابن بشر، والمنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب للمغيري، وغيرها عشرات الكتب.
وكما أن الشيخ عبدالله قد قرأ في كتب التاريخ القديم، فقد اهتم أيضا بقراءة كتب تاريخ نجد، فقد قرأ لعدد من مؤرخي نجد القدماء مثل: إبراهيم بن صالح بن عيسى، ومحمد بن ربيعة، ومحمد بن عبّاد، وأحمد بن منقور، ومحمد الفاخري، وابن غنام، وابن بشر، والجبرتي، وابن عبيد وغيرهم.
واهتم بكتابات بعض المعاصرين له وتحليلاتهم، فقرأ للشيخ حمد الجاسر، وفؤاد حمزة، وابن بسام، وعبدالله بن خميس، وسعد الجنيدل، وأبي عبدالرحمن بن عقيل، ومحمد بهجت الأثري، وغيرهم ممن كتب عن تأريخ نجد عامة أو عن شيء منه.
ولم يثنه ضعف بصره في آخر حياته عن القراءة والاستمرار عليها فقد كان يجد فيها الفائدة والأنسَ والمتعة معاً، وتشغل وقته بشكل يومي تقريباً قبل الظهر وبعده، وله جلسة معروفة للناس بعد صلاة المغرب من كل يوم في بيته استمرت أكثر من ثلاثين سنة يُجاب فيها على الأسئلة وتُبذل فيها المشورة، وتطرح فيها المسائل الفرضية، ويُقرأ فيها من كتبِ العلمِ في مختلف المجالات.
مكانته العلمية
لقد حظي الشيخ عبدالله بمكانة عالية عند الناس وعند الباحثين والمحققين, وشهد بفضله وقدره كبار المؤرخين والباحثين والأدباء – مما سنورد بعضه – ولقد تدفقت عليه أسئلتهم من كثير من مناطق المملكة في الفرائض والتأريخ والفلك والأنساب فكان يجيب عليها إجابة الواثق بطريقةٍ سهلةٍ ممتنعة, فهو يتميز - رحمه الله - بحُسْن عرضه وروعة تصويره للأحداث التاريخية وكأنه معهم في هذا الحدث أو ذاك، مما يضفي على حديثه متعة الاستماع مع قيمة الفائدة، وكثيراً ما يَفِدُ إليه رجالُ المنطقة ليسألوا عن أنسابهم أو تأريخ أجدادهم فيجيبهم بدقة وتسلسل, أو لينالوا معلومات متفرقة فرضية كانت أو فلكية, كما كان المزارعون يردون إليه كثيراً ليسألوا عن مواعيد الزراعة وحساب النجوم والطوالع؛ ولذلك فقد كان -رحمه الله- مقصد الباحثين والإعلاميين والأكاديميين من داخل المحافظة أو خارجها من الزائرين.
¥