تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليس هذا فقط, ففي سنة 1585م حدث تصادم للمصالح بين الطائفتين أدى إلى حدوث حرب أهلية في جزء من أراغون. فأهل الجبل النصارى و أهل السهل المورسكيون دخلوا في حرب بلا هوادة. بدأ القتال باسم الدين حيث تعالت الأصوات مرددة ”كلاب كفرة” و ”الثأر أيها الموروس”, لكن هذه الصيحات لم تخف حقيقة الحرب التي كانت بين نظرتين اقتصاديتين, الرعاة الرحّل و أهل الجبل, قرروا رعي قطعانهم في الأراضي الخصبة الواقعة بين ضفتي نهر إبرة التي جعلتها أيادي المورسكيين الماهرة و عملهم الدءوب سهلة الاستغلال, و كان هذا يصب في مصلحة النبلاء و رجال الدين و زيادة ثرواتهم لأنهم كانوا مالكي تلك الأراضي.

فإذا كان المورسكيون قد صمدوا بقوة و فعالية ما بين 1585 و 1589م لجحافل لوبيرسيو لاتراس Lupercio Latras, فذلك راجع لاعتمادهم على الأرستقراطية الأراغونية. فبالرغم من نزع سلاح المورسكيين سنة 1575م, فقد استطاعوا الاحتفاظ به بتواطء مع النبلاء الذين كُلّفوا بنزعه لكنهم لم يقوموا بمهمتهم إلا صوريا.

لقد احتاج النبلاء للمورسكيين مرّة أخرى في حروبهم الأهلية الكثيرة, فقد كان البارونات في حاجة لمورسكيين أوفياء قادرين على تقديم الدعم العسكري لهم. لقد كان سوء التفاهم كثيرا بين النبلاء كما أشار إلى ذلك نائب المستشار في رسالة إلى الملك فليب الثاني حيث اعتبر أن مورسكيي المناطق التابعة للملك و للكنيسة بالكاد يملكون السلاح, حيث لا يملكها إلا خدم الأسياد الذين يستخدمونهم في معاركهم. أما الذين يعيشون في سلام فلا حاجة لهم لخدم مسلحين. (5).

اضطهادات محاكم التفتيش للمورسكيين, التي تكثفت ابتداءا من 1560 لتبلغ أوجها ما بين 1582 و 1592م, لم توفر لا أراغون و لا منطقة بلنسية, بل بالعكس نجد هناك أقصى درجات قسوة محاكم التفتيش بالنظر لعدد المدانين و الذين تمّ إحراقهم.

في هاتين المنطقتين, قامت محاكم التفتيش بزعزعة التجمعات المورسكية من خلال مصادرة الممتلكات, الطرد, الأشغال الشاقة و أحيانا الموت, مضرين بذلك بمصالح النبلاء و سمعتهم. لهذا قام هؤلاء بالتدخل للدفاع عن أتباعهم المورسكيين و تحريرهم أحيانا من السجن. فهذا النصراني خوان فرانثيثكو كريستوبال القاطن بإيخار Hijar أُدين يوم الثالث من مارس 1573 و حُكم عليه بدفع غرامة قيمتها 2000 دوقية و قضاء فترة في الأعمال الشاقة بسرقسطة بسبب عدم تسليمه أحد المورسكيين إلى محكمة التفتيش (6). سنة 1578م, أكّد نصارى بلشيت Belchite أمام محكمة التفتيش نفسها أن مورسكيي البلدة ”المقربين من السيد و القائد الذي يحكمهم” قد قتلوا امرأة اتهمتهم بأداء طقوس كفرية. في الحال قامت محكمة التفتيش بسرقسطة بتوقيف أهم زعماء الجماعة المورسكية بيدرو و خوسيبي دي خماس , خوسيبي و فرانثيثكو تريغو و أرسلتهم رفقة فقيههم مغيل ساخي Miguel Sage للمحرقة سنة 1579, مفككين بذلك الجماعة المورسكية ببلشيت و مقوضين لسمعة الكومت (7).

أيضا دافع دوق فيلاإيرموثا عن المورسكيين التابعين له, و لا غرابة في ذلك فقد كان هذا الرجل, كما أشارت إلى ذلك جاكلين فورنيل غيران رمزا لمعارضة محكمة التفتيش (8). فوجد المورسكيون عنده أحسن جوار حيث ”كان على الدوام هذا الدوق و حلفاءه أعداءا ألداء للكنيسة و لموظفيها يضمون و يحمون الموروس بكل قواهم علما أن كل خدمهم منهم و أن الدوق ممتلئ حنقا لأن بعض خدمه الذين يعتمد عليهم تعرضوا للتعذيب و أدينوا.” (9).

كذلك تدخل نبلاء بلنسية لدى الملك بغرض إقناعه بمنع الكنيسة من حشر أنفها في أمور المورسكيين و تركهم يعيشون مسلمين. و قد نجحوا إلى حد ما, حيث استطاعوا تأخير دمج المورسكيين في المجتمع النصراني و كبحوا, و لو مؤقتا, جماح إجراءات مختلف محاكم التفتيش ضدهم. لقد كان المورسكيون بعد تنصيرهم القسري يحسون بالظلم و أن المحاكم لا تنصفهم البثة, و يبدو أن النبلاء كانوا يشاطرونهم هذا الرأي فتركوهم أحرارا في عقيدتهم و سهلوا لهم ذلك. (10).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير