[إسبانيا بيتها من زجاج و ترمي المغرب بالحجارة.]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[21 - 04 - 10, 01:22 ص]ـ
[إسبانيا بيتها من زجاج و ترمي المغرب بالحجارة.]
في الوقت الذي لازالت فيه قلوب أحرار العالم مفجوعة من هول ما حدث للمسلمين النمساويين في جامع قرطبة و منعهم بالقوة من أداء الصلاة أمام محراب الجامع-الكاتدرائية و اعتقال اثنين منهم, أطلت علينا جريدة الباييس EL PAIS الاسبانية الاشتراكية بخبر يتهم المغرب باضطهاد النصارى و التضييق عليهم و طرد العديد منهم خارج البلاد.
يأتي هذا الخبر أياما قليلة بعد طرد المغرب ل 16 منصّرا كانوا يديرون دارا لرعاية الأطفال أطلقوا عليها, للتمويه, ''قرية الأمل'' بالقرب من قرية عين اللوح في جبال الأطلس المتوسط.
أقول على السريع لجريدة الباييس, إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة. فإسبانيا و المغرب كانا دائما طرفي النقيض في مجال التسامح و قبول الآخر. فإسبانيا كما يشهد العالم بذلك ذات تاريخ أسود فيما يخص التعامل مع المحالفين دينيا و فكريا, و يكفي ذكر ''محاكم التفتيش" التي اقترن ذكرها بإسبانيا إلى يومنا هذا, فكرسي الاعتراف المسماري, فسخ العظام, تهشيم القفص الصدري و العمود الفقري, ملء البطن بالماء حد الاختناق, الأقفاص على حجم الجسد, الكلاليب المرعبة, المناشير الفاصلة لجسم الإنسان, آلات قصم فقرات الظهر ... إلخ كلها ابتكارات إسبانية ( made in Spain) لمحاسبة الفكر الإنساني و كبح جماح التطور العلمي و رد الناس عن دينهم و إدخالهم في دين التثليث بقوة الحديد و النار.
إسبانيا التي طردت اليهود سنة 1492 و المسلمين سنة 1609م من أرضهم لأنهم ليسوا نصارى كاثوليك.
إسبانيا التي فرضت على من يريد ممارسة وضيفة حكومية تقديم شهادة "نقاء الدم'' و التي لا يحصل عليها إلا من أثبت عدم وجود فرد مسلم أو يهودي بين أجداده, أجداد أجداده و أجداد أجداد أجداده ... و لم يلغى هذا القانون إلا سنة 1865م.
إسبانيا التي قضت على شعب أمريكا بكامله باسم الصليب و نشر النصرانية في العالم جديد. و هم اليوم يقدسون إيرنان كورتس مرتكب هذه الإبادة الجماعية.
إسبانيا التي تعامل المسلمين اليوم كمواطنين من الدرجة الثانية و ترفض إعادة المقدسات الإسلامية من جوامع و مساجد و رباطات لأهلها الذين هم أولى بها.
إسبانيا التي لم تلغ إلى يوم الناس هذا قرار طردها للمسلمين من إسبانيا.
إسبانيا التي تمنع اليوم أداء الزوار المسلمين لصلاتهم أمام محراب جامع قرطبة الأعظم.
هذا كله و المزيد و تأتي جريدة إسبانية لتتهم المغرب في تسامحه التاريخي. فيكفي جريدة الباييس أن تعلم أن أولئك اليهود الذين طردتهم إسبانيا الكاثوليكية من أرضهم وجدوا في المغرب خير بديل لوطنهم فعاشوا قرونا و قرونا إلى جانب المسلمين. بل إن المغرب لم يفقد تسامحه حتى في فترات الحرب مع إسبانيا, و كان يسمح للرهبان الكاثوليكيين بزيارة الأسرى النصارى و تقديم الرعاية الطبية و الروحية لهم وفق معتقداتهم.
لكن يبدو أن هناك جهات في إسبانيا تستدرج المغرب إما للمواجهة أو لنيل تنازلات في ميادين أخرى. فاليوم يضغطون بورقة حقوق النصارى و الأمس بورقة حقوق الشواذ و المثليين و قبلها احتلوا جزيرة ليلى المغربية مستعرضين عضلاتهم العسكرية التي لم تنفعهم في شيء أمام بسالة رجل اسمه محمد ابن عبد الكريم الخطابي.
كتبه هشام بن محمد زليم المغربي.
الدار البيضاء. 20 أبريل 2010.