تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يلفت النظر انه في نفس السنة التي جرى فيها اول لقاء معلن بين ممثل بريطاني و بين عبد العزيز بن محمد بن سعود شيخ الدرعية كانت بريطانيا تقضي على تيبو سلطان اقوى ملوك الهند الاسلامية الذي كال لها الهزائم لسنوات ثم انتهى قتيلا امام قصره و سيفه بيده بعد معارك استخدم فيها ما يعد اول النماذج المعروفة للصواريخ في التاريخ العسكري.و لا شك ان خبر تلك الحرب التي خاضتها بريطانيا لسنوات لاخضاع مسلمي الهند بلغ سواحل الخليج و الاحساء المرتبطة اقتصاديا و ملاحيا بالهند كما تدل مراسلات تيبو سلطان مع سلطان عمان. الا انه على خلاف دول الاسلام العظمى القديمة مثل الدولة المملوكية و العثمانية في زمان قوتها و حميتها للاسلام عندما كانت تبعث النجدات من الغرب لاهل الهند او على الاقل تتالم لمصابهم و تهدد الغزاة البرتغاليين فان شيخ اعراب نجد لم يعرف عنه انه -مع الاعتراف بعجزه عن ارسال اي مدد بحري للهند- احتج و لو بالقول على جرائم بريطانيا في حق مسلمي الهند و هم ربع مسلمو العالم تقريبا بل تقبل هداياها بسرور بالغ كالذي ينبع من اعتراف دولة عظمى بقاطع طريق عشائري مغمور. كانت ثمان سنوات قد مرت على موت الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب يوم جرى ذلك اللقاء. و يلفت النظر ايضا ان المكتب السياسي البريطاني في الهند كان قد رصد باهتمام قبل تلك الزيارة باثنتي عشر عاما سفارة بين تيبو سلطان و السلطان العثماني طلب فيها تيبو سلطان من السلطان عبد الحميد الاول التحالف عسكريا ضد البريطانيين و دعا السلطان للقيام بحملة عسكرية ضد بريطانيا. كما طلب من السلطان العثماني السماح له بادارة مستودعات تجارية للبضائع الهندية بالبصرة مقابل منح الدولة العثمانية مرافق مماثلة في ميسور جنوب الهند و طلب من الدولة العثمانية مده بخبراء في صناعة المدفعية. شهدت السنوات التي تلت تلك السفارة مباشرة تدهور قوة بني خالد حكام الاحساء و شاطئ الخليج (المتعاونين مع بريطانيا و المعتمدين على السلاح الاوروبي المصدر للبقاء خارج دائرة نفوذ الدولة العثمانية) و حلول آل سعود مكانهم على سواحل الخليج. بين تلك الاحداث تظهر في الوثائق البريطانية اشارات لطيفة لحقيقة العلاقة بين الطرفين، ففي مايو 1807 كتب مانيستي مدير الوكالة البريطانية بالبصرة لرؤسائه ان "عبد الرحمن وكيل الشيخ الوهابي سعود بن عبد العزيز في القرين (الكويت) سلمني رسالة قال فيها ان سيده يرغب في تمتين اواصر الصداقة معي و ان يتعرف على اسباب خلافي مع الحكومة العثمانية ملمحا على ما يبدو الى تلهف الامير سعود للانضمام الى اي خطة هجومية حربية ضد باشا بغداد." و كان باشا بغداد قد امر مدير الوكالة في تلك الفترة بالرحيل عن الارضي العراقية لما كان من خلاف بين الدولة العثمانية و بريطانيا بسبب حملة فريزر على مصر و تعديات بريطانية اخرى على الاراضي العثمانية منها المعاهدات التي ابرمها الضابط ديفيد سيتون المقيم بعمان مع شيوخ عشائر ساحل عمان (الامارات العربية المتحدة حاليا). و يورد جيمس موريير عضو بعثة شركة الهند الشرقية البريطانية لدى شاه ايران نص رسالة مترجمة ارسلها سعود بن عبد العزيز الى البعثة البريطانية عقب حملتها على راس الخيمة في 1809 و تحطيمها لاسطول القواسم قال فيها ما مفاده ان "سبب العداوة بيننا و بين قومنا انهم اعرضوا عن كتاب ربهم و سنة نبيهم، و نحن لم نعادي اي ملة اخرى و لا تدخلنا في اعمالها و غزواتها و لم نساعدها ضد اعدائها. مع اننا بحول الله و قوته على اعدائنا ظاهرين .. و لذا فاني اطمئنكم اننا لا نقترب من سواحلكم و منعت اهل ديننا و سفنهم من التعرض لسفنكم. و من يريد من تجاركم ان يمر بسواحلنا او ياتي لموانئنا يكون في امان و نطلب المثل لمن اتاكم من عندنا. و لا يفرحنكم احراق بعض السفن فلا قيمة لهم عندي و لا عند اصحابها و لا اهل تلك البلاد، و الحق ان الحرب مرة و الاحمق هو من يندفع اليها كما قال الشاعر." و كما كان سعود و ابوه من قبله حريصان على رضا بريطانيا كانت بريطانيا حريصة على رضاهما و لو على حساب حلفائها القدامى ففي مراسلة بتاريخ يوليو 1809 تجازف بريطانيا باغضاب حليفها شاه فارس و بني كعب و روافض العراق و ترفض تسليم شحنة اسلحة لروافض النجف ليدافعوا بها عن انفسهم ضد غارات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير