تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طالبٌ لا كالطُّلاب؛ فمن هو؟! "قصة واقعية موجزة عن أحد الأعلام"

ـ[أبو ثابت]ــــــــ[21 - 05 - 10, 10:04 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

طالبٌ لا كالطُّلاب

الحمدلله، والصلاة على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، فإن للوالد العزيز ـ متعه الله متاعاً حسناً ـ تجربةً في تعليم القرآن، فلقد قدم إلى الزلفي من قرية الثوير (1) عام 1382هـ، وحلقات القرآن في ذلك الزمان تكاد تكون نادرة، يقوم بها بعض المحتسبين، وكان الوالد قد وعى القرآن، فأقام في تلك السنة التي قدم فيها عدة حلقات، منها: حلقة في مسجد العليوية الذي يسمى الآن بمسجد سعد بن معاذ، وحلقة في الجامع الشمالي الذي يسمى الآن بجامع الملك عبد العزيز، وحلقة متنقلة في بعض البيوت، وكانت الدراسة في إجازات المدارس، وكانت الدراسة على فترتين صباحية، ومسائية، وكان عدد الطلاب يقرب من المائة، لكنَّ طالباً من هؤلاء لا يزال الوالد يُشيد بذكره، ويعلي من أمره.

كان هذا الطالب صغيراً في سنه، لم يتجاوز العاشرة من عمره، لكنه كان كبيراً في عقله، فلا ترى فيه طيش الأطفال ولا عبثهم، بل كان رضي الخلق، هادىء الطبع، كأنما ترى رجلاً مكتمل الرجولة، علائم الجِدِّ عليه ظاهرة، فقد بَرَع الطلاب، وفاقهم؛ لما منَّ الله عليه بقوة الذاكرة، وسرعة الحفظ، حتى إنه ربما حفظ على الوالد في الجلسة الواحدة عشرة وجوه، وكانت الطريقة التي يتبعها الوالد مع طلابه هي أن يقرأ عليه الطالب المقطع نظراً، ثم يذهب الطالب فيحفظ المقطع، ثم يأتي ويقرؤه حفظاً، فربما أتى هذا الطالب في الجلسة الواحدة عشر مرات، يقرأ نظراً، ثم ما يلبث إلا يسيراً، فيأتي ويقرأ حفظاً، حتى ذكر الوالد أنه حفظ عليه في مدة وجيزة جداً عشرة أجزاء من آخر المصحف، ومضت السنين، وانشغل الوالد بدراسته النظامية، وذهب إلى الرياض، ولكن ذكرى هذا الطالب لا تزال عالقة بذهنه، فصادفه مرة، وإذا هو يلقى منه همة علية في طلب العلم، وعزماً راسخاً في الإقبال عليه، فأوصاه ببعض المشايخ، وافترقا، ومضت الأيام، وانصرف الوالد لدراسته في الرياض، لكنه إذا جاء إلى الزلفي سأل عنه، وإذا هو يُحَدَّث أن هذا الطالب قد رحل إلى بريدة يبتغي العلم، وإذا هو يسمع بأن هذا الطالب قد بز أقرانه، فحذق في العلم ونبغ، وصار له فيه شأن كبير، فكان مقصداً للطلبة، ومرجعاً في العلم، خاصة في علم الحديث، وكانت له التآليف النافعة، والدروس الجامعة، وهو لا يزال طري العود، غض الإهاب، وكان هذا الطالب إذا جاء إلى الزلفي يزور الوالد، وهذا يدل على وفاء نفس، وحسن عهد، وحسن العهد من الإيمان، ولم يزل هذا الطالب حسن الذكر، حميد السمعة، طيب الثناء، حتى جاء عام 1408هـ، وبالتحديد في الثامن والعشرين من شهر شوال وإذا بالناس يُفجأون بسماع خبر رحيله عن هذه الدنيا، فبكى عليه الناس، وتأسفوا لموته، وحضر جنازتَه الجمُّ الغفير، وكان عمره حين وفاته خمساً وثلاثين سنة.

بقي هنا أن يُعرف من هو هذا الطالب الذي لفت الأنظار إليه منذ الصغر؟

إنه الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن أحمد الدويش، نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة.

وإن في هذه التجربة لفائدةً في أنه ينبغي لمعلمِ الناسِ الخيرَ أن يتفرس في طلابه، فيعرف الجاد من الهازل، والموهوب من غيره، ويميز بين من يحمل مخايل النجابة ممن تستعجم عليه المدارك الظاهرة، فيحتسب فيعطي كلاً ما يليق به، فلعله أن يأتي اليوم الذي يرى فيه من طالبه ما يسره، فتبتهج بذلك نفسه، ويزيد أجره عند ربه، وكم توقعٍ قد صار واقعاً، والله الموفق.

وكتبه

د. صالح بن فريح بن صالح البهلال6/ 6/1431هـ

(1) هي قرية تقع شمال محافظة الزلفي، بمقدار أربعين كيلاً.

ـ[ابن العيد]ــــــــ[21 - 05 - 10, 10:52 م]ـ

جزاك الله خيرا

ووفقنا الجميع الاستفادة مما ذكرت

ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[21 - 05 - 10, 11:28 م]ـ

جزاكم الله خيراً ....

فوائد جمه تحويها هذه الأسطر ... أهمها تنبيهنا من السبات الذي نعيشه!

نسأل الله أن يغفر للشيخ الدويش وأن يرزقه الفردوس الاعلى من الجنة

وأن يبارك في الوالد ويجزيه خير الجزاء ونسأل الله أن يمد في عمره على طاعته ونفع الإسلام والمسلمين ونسأله الكريم أن يجعل الشيخ الدويش في ميزان حسنات الوالد

.

ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 11:37 م]ـ

رحمه الله.

وإخال أني سمعت عن الشيخ الألباني أنه قال للشيخ عبد الله " أنت أحفظُ مني " لكن!

لا أدري ما بعد.

ـ[صالح بن عمير]ــــــــ[21 - 05 - 10, 11:41 م]ـ

رحمه الله رحمة واسعة

ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[22 - 05 - 10, 08:52 م]ـ

رأيت الشيخ عبد الله الدويش ـ رحمه الله ـ في الحرم في العشر الآواخر من رمضان ـ لا أذكر العام ـ بين التراويح والقيام ومعه مصحف في عزلة عن الناس يقرأ كتاب الله. فكنت أقول لمن معي انظر إلى الشيخ عبدالله لوحده.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير