تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تجربتي مع محمد الصغير نقاش حول تاريخه النضالي]

ـ[غير مسجل]ــــــــ[01 - 06 - 10, 01:54 ص]ـ

حمدادو بن عمر.


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

في رحاب الذاكرة التاريخية
تجربتي مع محمد الصغير نقاش حول تاريخه النضالي

الأستاذ: حمدادو بن عمر
قسم التاريخ والحضارة الإسلامية جامعة وهران

صفحات نأمل أن لا تنسى وتطوى ضمن الذاكرة التاريخية المنسية؛ إنها ذاكرة أول وزير للصحة العمومية في عهد أول دولة مستقلة، إنه الوزير الأسبق محمد الصغير نقاش أحد أفراد الأسرة الثورية المبكرة، صاحب الأيادي البيضاء في خدمة الثورة التحريرية المظفرة نفسا ونفيسا، لقد كانت لفقيد الثورة الأسرية قدم راسخة خلال الأيام الحالكات وهي شهادات حكاها لي بكل أمانة وبلا فخر، حيث كانت للفقيد بعد حضاري وثوري تجسد أساسا في خدمة الدولة الجزائرية المستقلة ضمن معركة البناء والتشييد.
لقد كانت إنسانيته فوق كل اعتبار، ليس مجرد طبيب بل أكثر من ذلك، وظل اسمه يذكر عند الفقير والمحتاج والمسكين، فقد كان يلقب بأبي المساكين، بل وصل الأمر به بإعطاء المريض المحتاج مبلغا من المال ليستعين به، فاسمه البسيط أكبر من أن يرتبط باسم عادي، لقد كان اعتلاؤه لمنصب الوزارة حمل ثقيل عليه، فقد كان طبيبا ومناضلا بالليل والنهار. رغم ما عناه أيام طفولته وأيام دراسته بفرنسا وأيام التحاقه بصفوف جيش التحرير والانخراط في صفوف الثورة المظفرة.
إن التجربة النضالية التاريخية والحنكة السياسية التي تحلى بها الفقيد محمد الصغير نقاش، أكبر من أن تحاكى لأفراد بسطاء أو عاديين، لابد أن تكتب سطورها بحروف من ذهب، وتروى بطولاتها للأجيال اللاحقة حتى يتعلم الخلف من رجالات السلف.
حقا، أعجز عن وجود كلمات تفرغ ما في قلبي من أحاسيس وإرهاصات توفي الرجل حقه، لقد كان الفقيد يروي لي كل جلسة جرعة من جرعات التاريخ السياسي للبلاد، بل وصل الأمر بي إلى محاولة استدراجه للحديث عن تلك الحقبة التاريخية من الزمن (1954 – 1965) بكل ما امتازت به من قرح وفرح، من معاناة ونهوض بالهمم. بل الوصل الأمر بي أحيانا إلى الجلوس معه مدة تترواح بين الثلاث ساعات أو أكثر، نتحاكى عن تلك الفترة الزمنية المهمة من تاريخ ثورتنا المجيدة.
إنّ المعلومات التاريخية التي زودنا بها تثبت أن الفقيد كان ذا فكر ثاقب متطلع لما حوله من مجريات الأحداث التاريخية التي كانت آنذاك. وأحاول أن أصححّ كما طلب مني مرارا وتكرارا رحمه الله تصحيح بعض الأخطاء التاريخية التي تخص شخصه وبعض المناصب التي تقلدها. رغم مراجعتي مرارا عبر البريد الالكتروني وزارة المجاهدين الخطأ الذي وقعت فيه أثناء محاولة تعريفها إياه تعريفا موجزا ومختصرا من تقلده مرتبة نقيب بهيئة الأركان العامة، وهذا غلط أو خطأ وقعت فيه الوزارة سهوا أو عمدا، فالفقيد كان قد تقلد منصب رائد بهيئة الأركان العامة وهو ما تثبته أوراقه الثبوتية والشخصية. والتي نعمل على نشرها وإخراجها والتعليق عليها ضمن كتاب سميناه:" محمد الصغير نقاش مسيرة ونضال".
إن تجربتي المتواضعة مع فقيد الثورة التحريرية محمد الصغير نقاش أكسبتني ثقة بنفسي وبلا فخر من أن أخوض غمار الكتابة التاريخية انطلاقا من تلك المعلومات الهامة التي زودنا إياها، حتى يطلع الباحث على هوية الرجل ووطنيته عبر تاريخه النضالي أثناء الثورة وبعدها.
ثم إن وفاة فقيدنا في هذا اليوم الأغر وتوديعه إيانا عن عمر يناهز 92 عاما، حافلة بمآثر الرجل منذ صباه إلى آخر رمق من حياته كلها تضحيات جسام في سبيل الجزائر المستقلة. فهو من بين الذين قال الله في حقهم:" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر".
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير