تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ولماذا الكتابة عن الأنساب ? للشيخ حمد الجاسر]

ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[30 - 06 - 10, 10:39 ص]ـ

ولماذا الكتابة عن الأنساب؟!

مقال النسابة الجغرافي علامة الجزيرة حمد الجاسر - رحمة الله عليه -: نُشر في المجلة العربية, العدد (220) , جمادي الأولى 1416هـ / أيلول – تشرين الأول 1995م, ونشر كذلك في كتابه من سوانح الذكريات, الجزء الثاني, ص969, ونشر أيصا في مجلة العرب (ج 3, 4, س30) رمضان, شوال 1415هـ - آذار, أيار / مارس, أبريل, 1995م

حاورني أخٍ كريم، ذو مكانة مكينة في نفسي، لما يتصف به من علم وفضل وخلق مُتَميِّزٍ، في أحد الموضوعات التي تعنى مجلتي كثيراً بنشر ما يتعلق بها من كتابات منوعة، ومنها من الأبحاث ما يشغل حيَِّزاً واسعاً من صفحاتها، أو يثير كثيراً من تكرار الكتابة عنه، لما ينشأ من اختلاف آراء القراء حوله، مما يعبر بوضوح عن اهتمام الْمُعْنِيَّ بالإشراف على تحرير المجلة به، عناية لم تقف عند حد ما ينشر فيها، بل تجاوزت ذلك إلى تَصَدِّيْهِ للتأليف عن الأنساب، وتناولها بالبحث والدراسة في مؤلفاته الأخرى بتوسع وإِسهاب.

ومن الأمور المدركة بداهةً أن جميع الأمم والشعوب لا تعير الأنساب أي اهتمام، باستثناء سكان جزء محدود في قلب الجزيرة في هذا الوطن الكريم، حيث يبدو الاهتمام بها بين هؤلاء واضحاً في إيجاد فوارق في حياتهم الاجتماعية، وهي فوارق لها آثار أقل ما توصف به أنها لا تقوم على أسس معقولة، بل على عادات وتقاليد متوارثة، منذ أزمنة قديمة، إذ تعمق الباحث فيها أدرك أنه من الأمور التي جاء ديننا الحنيف بالقضاء عليها كغيرها من جميع الأسباب التي يبدو من خلالها استعلاء أو تميز بين طبقة وأخرى، أو بين فرد وآخر من طبقات المجتمع المسلم أو أفراده، ما لم يكن ذلك قائماً على أساس التفاضل بالأعمال

) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ((1) , «إن اللَّه قد أذهب عنكم عِبِّيَّةَ الجاهلية، وفخرها بالأَباء، إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي» (2).

ليس من شك أن استحكام العادات والتقاليد ورسوخها من الصعب القضاء عليها، واجتثاث جذورها، ومن المعروف أن التعاليم الإسلامية في أول عهدها لم تَتَغلغل في نفوس جميع سكان البلاد، وخاصة أبناء البادية في قلب الجزيرة، وفي الصحاري النائية عن مراكز الدعوة الإسلامية، في المدينة وغيرها من قواعد الحكم الإسلامي، كما أخبر اللَّه عز وجل:) قَالَتِ الأَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الإِْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ((3) , فكان من جَرَّاءِ عدم مباشرة تلك التعاليم لقلوب هؤلاء بَقاءُ بعض التقاليد الموروثة، مسيطرة على النفوس، ومنها ماله صلة بالحياة الاجتماعية، كالنظرة إلى الأنساب نظرة تمييز، وكما في الحديث «ثلاث في أمتي من أمور الجاهلية الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت» (4). ولعل هذا الأمر مما لمحه الإمام المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه اللَّه ـ حيث خصص مبحثاً له في كتاب «التوحيد»، وهو من الأمور التي يجب على كل مريد للخير، ومحب لإصلاح أمته أن يسعى ما وسعه السعي، لكي لا تتصف به. ومن هنا كان مدخل حديث الصديق: ألا ترى أن التأليف في الأنساب مما يوسع الْهُوَّةَ بين طبقات المجتمع؟!.

قد يدرك القارئ لأول وَهْلَةٍ ما لهذا القول في الصحة من نصيب، ولكن ينبغي أن يلاحظ قبل ذلك من الأمور ما يزيد الموضوع إيضاحاً:

1 ـ النظر إلى الغاية الأولى من التأليف في علم الأنساب.

2 ـ منزلته في تراث الأمة الذي ينبغي الحفاظ عليه، والعناية بحفظه.

3 ـ نظرة سلف الأمة الذين هم القدوة إليه.

4 ـ غاية كل مُؤَلِّفٍ من هذا العلم، وهدفه من التأليف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير