الشيخ محمد نافع شامي ترجمتهُ وسيرةُ حياته
ـ[محمد بن إدريس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 03:03 ص]ـ
الشيخ محمد نافع شامي رحمه الله ترجمتهُ وسيرةُ حياته
بقلم نجله محمد حسان شامي
مقدمة لترجمةحياة والدي الشيخ محمد نافع شامي " رحمه الله "
قُلِ الَلهُمَّ مالكَ المُلْك , تَُؤتي المُلكَ من تشاء , وتَنزِعُ المُلك ممّنْ تَشاء , وتُعِزُ مََنْ تَشاءْ , وتُذِلّ منْ تَشاءْ , بيدكَ الخيرُ إنّك على كلِّ شَيءٍ قدير ....
تولِِجُ الّليل في النّهار, وتولج النَّّهارفي الّليل , وتُخرجُ الحيَّ من الميّتِ , وتُخرجُ الميِّّتَ من الحيّ , وترزقُ من تَشاءْ بغيرِ حساب ..
* * *
بداية أحمدُ الله عزَّ و جلَّ، أنْ يسَّر لي الحديث عن ذلك الانسان الفاضل .. أسأله تعالى أن يُقدّرَني كي أستطيع أن أردّ جُزءاًَ صغيراً يسيراً من الجميلِ لمن كان سبب وجودي في هذه الدنيا .. فأذكر جانباً من سيرته وبعضاً من مواقفه , وأبيّن ما خلّفه وراءه من آثار تشهدُ له، ثم أختم بما قال الناس في رثائه.
سأحدثكم اليوم عن ذلك الرجلِ الذي عَرفتُموهُ بالعلم والتُقى والخير والفضل ....
سأحدثكم اليوم عن الميِّتِ الحيّ .. ... عن والدي (الشّيخ نافع الشّامي) رحمه اللّه تعالى، وأسكنه فراديس جنانه ..
فإنّ من أصعبِ الصّعبِ أن نتحدَّثَ عن إنسانٍ لا نعرف عنه شيئاً , وأصعبَ منه أن نتحدث عن إنسان نعرف عنه كل شيءٍ، فنجمع البحر في قطرة , والروضَ في زهرة، وذكريات الفقيد في كلمة رثاء.
كنّا نظنّ أنّ حبلنا من ابن الثمانين ونيّف لن ينقطع؟! وما فكّرت أن أقوم يوماً فأَرْثي والدي , وإنْ أنا فعلتُ فمن أينَ أبدأ؟؟! .. من أين! ... وما كنت قد أعددت لهذا المقام كلامأ ..
واسمحوا لي أنْ أبدأ من النّهاية ..... , لأنّ النّهاية قد تكونُ هي البدايةُ أحياناً.
كَفّي في كَفِّه لصيقتان، و نَفَسي في مجال نَفَسه، قائمٌ بحذاءِ رأسه، يَحْسَبُنا الرائي للوهلةِ الأولى أننا نَتناجى ...
الغُرفة تخلو و تزدحم، فَمَنْ في دارنا بين صغير و كبيرٍ من أفراد العائلة، يُطلُّون على الحبيبيْنِ المتناجيين ...
تساؤلاتٌ طفوليةٌ يُبديها الصغار، تشق حاجز الصمت المطبق على البيت بأكمله بين الحين و الآخر.
هاجسٌ وحيدٌ في لبِّ الجميع، و سؤالٌ واحدٌ في فكر الجميع و لو فتحت طاقة فيما بين ألبابنا، و أنشأت جسراًً بين أفكارنا، لا تَّضح لك ذلك، و لكن لا أحد يَجرؤ أن يُعلن هاجسَه أو يُحرِِِّك بسؤاله شفتيه.
ننتظرُ مُرغمين وقلوبنا في أيدينا ..... لَحْظةً مايُحبُّ أحدنا أن تَحين، و يدفعُ عمره ثمناً – لوكان بالإمكان – أن لا تدنو.
تباركتَ يا خالق الجَمال، و مُصورَ الكمال ... ما زادته الثمانينُ و الأربع من السنين التي أكلت من جسمه و أكلت من حياته إلا بِشْراً يطفحُ على وجهه و إشراقاً يغمره بالنور، و جمالاً في هيبةٍ و حسناً في وقار ..
الأبصار مشدودة إلى جانبٍ واحد، و القلوب متعلقةٌ بابن الثمانين و نيّف، صاحب القلب الذي ضم إلى قلبه قلوب من حوله، وإلى روحه أرواح من هم قطعةٌ منه، فإذا به قوة تُحيل الكون في قلبه كنزاًمن الحُبِّ والرحمة والعاطفة.
هي ذي الساعة الماضية في قدر الله قد أزفت، و العمر مضى و بقي العمل الذي هو حياتك أيها الذي يمضي مع من مضى ...
الكلماتُ عاجزة عن التَّعبير في وصف المشاعر التي انتابتني و من حولي حين فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها تقطع صلة الجسم بالحياة الأرضية لتصلها بحياة أبدية لا موت فيها ...
ثلاث زفرات متقاربة كأنها نفثات مصدور ينفث بها كرباً و يزيل بها هماً جاثماً، جاءت عُقيب حرارة و حمى أفرزا على جبينه حبات من العرق الغزير كأنه قطرات الندى على ورقة خضراء في بكرة يوم حار من أيام صيف قائظ.
وسكن الجسد و هدأ، و فار التنّور الذي في صدري و بدأت صراعاً في لحظةِ خوف لا يطاوعني فيه قلبي أن أصدق ما عقله فكري من المصيبة المتوقعة التي صعب ارتقابها، من أن الساعة أزفت وانفلت الأمر من اليد، فكنتُ كمن يحاول نفخ روحي في روحه و أنا أنفخ من نفسي بضمه إلى نفسه، و كمن يريد نقل نبض قلبي إلى قلبه و أنا أضغط على صدره بحركات تعلمتها لإنقاذ غريق، و ما علمت إلا مِنْ بعد، أننا الغرقى، و هو الذي أرجو أن يكون نجا ...
¥