وقد أنهى دراسته الجامعية في عام 1931 ونال شهادة الشعبة العلمية الدينية من جامعة آل البيت بتفوق وعاد إلى بلده إدلب ولم يمضِ على مُكثه فيها أشهر حتى نُدب إلى التعليم في الكلية الإسلامية في بيروت إبّان ازدهارها من قبل مديرها المشهور الدكتور بشير قصار، وكان ذلك في أول تشرين أول 1931 فقضى فيها سنتين، ثم اضطر إلى العودة لإدلب حيث توفي والده رحمه الله فلزم بلده قائماً على إدارة عائلة والده المؤلفة من تسعة أشخاص، هم أخواته الأربعة وأخويه ووالدته وابن عمّ له كان والده كافلاً له.
وعكف على المطالعة في مختلف الكتب الدينية، وكان لنا مضافة بجانب بيتنا مفتوحة من عهد الأجداد السابقين فأبقى عليها يستقبل بها إخوانه الزائرين وضيوفه الوافدين، فجعل منها مدرسة يتحدث فيها مايحضره في مختلف الأحاديث وشتى العلوم الدينية والاجتماعية، ثم فرّغ نفسه للتدريس في جامع بيت آل قريد فكان يُلقي فيه دروساً يوميّه في الفقه على مذهب الإمام الشافعي وفي التفسير والحديث وبقي على ذلك بضع سنوات ثمّ نقل الدروس إلى جامع قريبٍ من بيته اسمه جامع الشيخ إسماعيل، ثم عُيِّنَ خطيباً ومدرساً في جامع الحُمصي وهو الجامع الرئيسي المعروف في إدلب.
& - زواجه:
كان لوالده رحمه الله صديق اسمه يسن نعمة بقي يتردد على مضافته ويرعاه بنصائحه ويلمس فيه صدق المودّة والغيرة. كان يحثُّ والدي على الزواج وينتقي له وهو يرفض لسببين:
الأول: فقره المادي آنذاكَ.
الثاني: ارتباطه بعائلة كبيرة لا يسمح لنفسه بالتخلّي عنها، لعجز كل فرد فيها على إعالة نفسه
ولأن ماورثه عن والده لا يقوم بكفايتهم.
وكان لهذا الصديق - ياسن نعمة - ابنةٌ فتيّة لا تزال في المدرسة الابتدائية وهي الوحيدة التي أبقاها الله له بعد أن اختار إلى جواره جميع أبنائه الذين يبلغ عددهم ثمانية فلم يعش الواحد منهم أكثر من بضع سنوات حتى يتوفاه الله.
وكان يتمتع بالصبر وقوة الإيمان - رحمه الله - دفعته محبّته لوالدي أن يزوِّجه من ابنته الوحيدة،ّ بمهر رمزي، وكان زواجه منها فاتحة خير ويسر ويمن وبركة وكان ذلك في سنة 1939 فرزق منها عشرة أولاد.
ستة من الذكور وهم:
- عبد الكريم الأكبر سناً من الذكور، مواليده: 1943، إجازة رياضيات، مدرسٌ لمادة الرياضيات.
- محمد فاتح مواليد: 1948 اصطفاه الله إلى جواره وهو في الصفّ الحادي عشر.
- محمد لؤي مواليد: 1951 مهندس مدني.
- محمد وائل مواليد: 1955 طبيب بيطري.
- محمد حسان مواليد: 1956 مهندس زراعي.
- محمد براء مواليد: 1961 مهندس مدني.
وكما بينت فقد اختار الله من الذكور إلى جواره أوسط أولاده، محمد فاتح بعد أن بلغ السابعة عشر من العمر وارتقى للصف الحادي عشر، وكان مثالاً في التقى والصلاح والعفاف والعبادة وكان متفوقاً في دروسه مرهف الحس بشكل عجيب، نادراً في ذوقه وذكائه وفطنته، وكان مضرب المثل في أخلاقه وتربيته، وكأن الله شاء أن يكون كذلك ليعظم مصابه به، نسأل الله له الرحمة والرضوان وفراديس الجنان.
وأربع من الإناث هنَّ:
- ثريا من مواليد: 1941 وهي الابنة البكر درست أهلية التعليم الابتدائي، وعملت معلمة،
توفّاها الله بعد والدها،عام: 1992 عليها من الله الرحمة والرضوان.
- هدى مواليد: 1946 دار معلمات، معلمة متقاعدة.
- بشرى مواليد: 1953 صف خاص، معلمة متقاعدة.
- ايمان مواليد: 1964 إجازة علوم طبيعية، تعمل مدرّسة.
- عمله المعاشي في الحياة:
كان مقتصراً على العناية بثروة الزيتون التي خلّفها له والده - رحمه الله - مضافاً إليه إعطاء دروس خاصة، لعدد من الموظفين في اللغة العربية وعلوم الآلات، من نحو وصرف مقابل أجر معلوم وأما العلوم الدينية فكانت مجاناً، وبقي كذلك إلى سنة 1941.
¥