تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن تبوأا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلةً)

وأكثرَ من البحث في هذا الموضوع الحسّاس، حتى شعر بيقظةٍ محمودةٍ جعلت المجتمع في ادلب توّاقاً إلى الفكرة المذكورة.

واتفق الشيخ مع شباب النادي بما فيهم شباب النصارى، على تغيير اسم النادي، إلى نادي الشبيبة الإسلامية ليتسنى إدخال المشايخ في أعضائه، ثم توجّه مع شخص موظف مؤمن لا يتهيب الباطل، اسمه محمد على حاجو من دمشق، كان يشغل وظيفة مأمور الزراعة، إلى الأستاذ الكبير المشهور الشيخ طاهر منلا الكيالي، والذي كان المشايخ يسيرون بإشارته وتحت لوائه، فقابله والشاب المذكور محمد على حاجو، واستنهضا همّته ليكون رئيس النادي ولو رئيس شرف وكانا معه في صراحة محرجة له، فما كان منه إلا أن استجاب لدعوتهما وبعد أن أتمّا المعاملة الرسمية لقلب اسم النادي عاد الشيخ الكبير فاعتذر عن قبول المهمة التي أسندت إليه - سامحه الله - نتيجة ملاحظات أبداها له بعض أقاربه.

فقبلنا اعتذاره مرغمين - والكلام الآن للشيخ نافع - ورجوناه أن يسمح لابنه الشيخ حسن حيث كان غير موظف كأخيه الشيخ سامي، الذي كان قاضياً شرعياً، فاعتذر هذا بدوره نزولاً عند رغبة أبيه التي تَمُتُّ إلى المداراة بصلة، فرجونا والده الشيخ الكبير الكريم أن يكلف أحد تلاميذه من المشايخ وكلهم فارغون من الوظائف لترؤس النادي، فتهيّبوا من القبول نزولاً عند رغبة شيخهم التي أحسّوا بها، من رفضه ورفض ابنه لرئاسة النادي، إذ تهيّبوا نزع العلاقة مع المستشار الفرنسي و رئيس الاستخبارات شوفيار إذ ذاك، اللذان كانا يتظاهران باحترامهما الشديد للشيخ الكبير طاهر منلا الكيالي، ويزوره رئيس الاستخبارات شوفيار متواضعاً له متظاهراً بتلبية مطاليبة البسيطة.

ولعلّ ما جرى هو الخير فلم يبق في الميدان كما يقول المثل العامي إلا حديدان، فتشرفت بهذه الرئاسة، وأقبلتُ على النادي أطهره من الألعاب التي لا يُقرّها الدين وضاعفتُ فيه الألعاب الرياضية المحمودة إلى جانب نهضة دينية عمادها إلقاء دروس اجتماعيةٍ وأخلاقيةٍ كل ليلة، يحضرها المسلمون والنصارى والقيام بتمثيليات موافقة للدّين، وإلقاء محاضرات علمية كل أسبوعين مرة يدعى لها رجال الحكومتين المحلية والافرنسية، وكافة طبقات الشعب إلا أنه ما كان يُلبي هذه الدعوة، إلا عامة الشعب الذين لا علاقة لهم بالحكومة.

وتقدم النادي مرة بطلب رخصة لتمثيل رواية دينية فوقف الطلب في دائرة الاستخبارات وكلما روجعت الدائرة بشأنها، كان الترجمان أميدي سابا الذي كان حاكماً بأمره في قضاء إدلب حيث كان موضع ثقة المستشار ومطلق اليد في التصرف، بحيث تأله في إدلب وطأطأت له رؤوس أصحاب المصالح من أكابر القوم.

قال للمُراجع لماذا لا يأتي رئيس النادي صاحب طلب الرخصة، فاعتزمتُ مقابلته ولما دخلتُ على الترجمان المذكور هالنى منظرٌ رأيته، لقد رأيت الترجمان متصدراً على أريكته واضعاً أحد ساقيه على فخذه الثانية وهو يدخن لفافة تبغٍ عالقة بطرف شدقيه تلوح في وجهه علامات الاحتقار والاستصغار لهذا المُراجع الذي وقف أمام منضدته بذلٍ وصغار.

حين دخلتُ وثب الترجمان لاستقبالي مبدياً لي كل احترام مؤهلاً ومسهلاً، وفاجأته بقولي أريد مقابلة المستشار وأراد أن يفهم طلبي فقلت الآن تسمعه حين تترجم لي وعنّي عند المستشار، فرجاني الجلوس عنده قليلاً ريثما يخرج من عنده رجل يقابله فجلست وأشعل لي لفافة فلم انته من تدخينها حتى خرج الرجل من عند المستشار فاستقبلني استقبالاً جميلاً وبدأتُ الحديث معه مستغرباً حجز رخصة التمثيل عنده، فأجابني قائلاً:

أنا الذي رخّصت بفتح هذا النادي لأني أحبّ نشر الفضيلة وأنا حين رخّصت بفتحه أقصد أن يكون أداة تجميع لشباب المدينة ليتعاونوا على الأعمال الطيبة والنافعة للشعب، ولكنه انقلب إلى وسيلة تآمرٍ علينا، وأداةً للعمل ضدنا، وأنا لم أفتحه ليكون نادياً سياسياً، بل ليكون دار تهذيبٍ وتعارفٍ وتعاونٍ على أعمال الخير، وهذا هو سبب إحجامي عن الترخيص له بالتمثيلية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير