تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأجبته قائلاً بكل جرأة وصراحة إذا كانت الأكاذيب عندكم حقائق تبنون عليها، فحريٌ بدائرتكم أن تسمى استخبارات عن الأكاذيب، إذ ليس عندكم معرفة بحقائق الأمور، واستشاط غيظاً من هذه الصراحة، فسأل عما أقصده، فقلت: إنّ الشباب الذين يرجون صديقكم سماحة الأستاذ الكبير الكيالي ليرأس ناديهم ينفي ما زعمته من اشتغالهم بالسياسة، ولما اعتذر عن القبول رجوه أن يسمح لنجله الشيخ حسن بترؤسِ ناديهم، ولما اعتذر رجوه تكليف أحد طلابه من مشايخ البلد ولما اعتذروا، قبلتُ هذه المهمة وانطلق معي شباب النادي نحو الفضائل وكان من أهدافنا إلقاء المحاضرات العلمية النافعة والدروس الاجتماعية المفيدة، وما من محاضرة ألقيت في النادي إلا وتُدعَون إليها، ولكنكم لم تجرّبوا ولو مرة واحدة أن تشجعوا النادي بالتنازل لحضور هذه المحاضرات، وتبعاً لنقمتكم على النادي التي لا مبرر لها والتي قامت في نفوسكم على استخباراتكم المغلوطة، كان رجال الحكومة المحلية أيضاً متخلفين عن حضورها، ومثلهم أصحاب المصالح والأغراض عندكم كانوا يتخلفون عن حضورها، التماساً لرضاكم عنهم، وكان الذين يحضرون هذه المحاضرات من عوام البلد والأميين، الأمر الذي تضيع معه جهود الأساتذة المثقفين في إعداد محاضراتهم.

ولما أحرج بهذا الجواب وكان بين المترددين إلى النادي بعض الشباب الذين يناوئون الافرنسيين والحكومة سأل عنهم فقال ما بال هؤلاء يترددون إلى النادي؟ أجبته قائلاً: إن النادي يَسُرّه أن يَأوي إليه كل فاجر وفاسق وجاهل وشرس لأن هدفه الإصلاح، وهؤلاء هم موضعه ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (الفاسق ضالة كل داع إلى الله) فإذا حُجب هؤلاء عن النادي فأين موضع رسالتنا التعليمية والتوجيهية.

ولما أقيمت عليه الحجّة تغير فوراً وشكرني وبالغ في احترامي ووقّع الرخصة غير أنه رجاني أن أتردد عليه فأجبته إن هذا غير ممكن ومحاظيره كثيرة فودعني وانصرفت مسروراً من موقفي الحازم الذي تمَّ بتوفيق الله ......... انتهى كلام الشيخ نافع.

تحَوُل نادي الشبيبة الإسلامية إلى عملٍ سياسي.

كانت نتيجة الدورة الدينية فيه، يقظةٌ في شباب إدلب لم تُعهد من قبل، والتفَّ الناس كلهم حول النادي، وصادف أن برزت في البلاد فكرة تجميع الشعب على ضرورة تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي، وتكتل لهذه الغاية رجال أشدّاء نظّموا العمل والسعي للغاية المذكورة وعرفوا باسم الكتلة الوطنية وبحسب مشاركة نادي الشبيبة الإسلامية للكتلة الوطنية، بهذا الهدف انسحب على النادي اسم الكتلة، وأصبح النادي مكتباً لها، ثم أنشأوا في البلاد تنظيماً عسكرياً تحت اسم الحرس الحديدي يرتدي لوناً موحداً من اللباس يأتمر بأمر قائد واحد وهو تحت تصرف الكتلة في كل بلد، وتجري لهم زيارات ومقابلات برحلات منظمة ويقوم على تدريبهم عسكرياً اختصاصيون في كل بلدة وكان ذلك عام: 1936 وهو العام الذي اتفِق فيه على ذهاب وفد يمثل سوريا كلها إلى فرنسة، برئاسة هاشم الأتاسي وعضوية فارس الخوري، وسعد الله الجابري، وغيرهم من رجالات الوطن السوري، وهناك عملوا معاهدة سموها عروس الصحراء وعادوا يحسّنونها للناس وهي غير قويمة ولا عظيمة ولكنها جهد الضعيف وأجريت انتخابات لوضع دستور أساس ووضع الفرنسيون شغلهم الشاغل لإخراج من يريدون، وكان المجلس غير مرضٍ واضطر الزعيم هنانو إذ ذاك أن يهدد المجلس في دمشق، ولما عاد منها ناجحاً في تهديده، جرى على الطريق من دمشق إلى حلب استقبالات رائعة اجتمعت فيها حشود عظيمة من الناس الذين خفّوا لها، رغم ممانعة الفرنسين لهذه الاستقبالات بالقوة واستطاع والدي الشيخ أثناءها أن يُخرج الناس إلى تفتناز، بالتحميس رغم مانعة السلطة حتى اجتمع في تفتناز (مفرق الطريق بين دمشق وحلب سابقاً) قرابة ألفي شخص من إدلب عدا الوافدين من حلب ومن القرى وأُلهبت مشاعر المتجمعين بخطاب حماسي تخاطفة مندوبو الصحف الحاضرون وقد ضمَّن ختامه قول الله تعالى:

(ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير