تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمر بأن تكشف النساء وجوهن، ما فائدته سوى دعوة الرجال لارتكاب المعصية إذا رأوا الجمال الذي يشتهونه؟ و لن تجد الدميمات من يتزوج بهن. إن النساء يغطين وجوهن لكي لا يُعرفن، و هذا ما تفعله المسيحيات. إن هذا الفعل شرف يتجنبن به المشاكل؛ و لهذا أمر الملك الكاثوليكي بألا يكشف مسيحي وجه موريسكية تمشي في الشارع و إلا عوقب. إذا كان الأمر كذلك و لا يتعارض مع الدين فلماذا نُغضب أهل غرناطة بسبب كشف أو عدم كشف وجوه زوجاتهم؟

إن الألقاب القديمة التي نحملها إنما هي لكي نعرف بعضنا بعضاً و إلا تاه الناس و ضاعت الأنساب، ما فائدة ضياع الأنساب؟ لو فكرنا في الأمر جيداً فإن المحافظة على الأنساب ترفع من شأن الملكين الكاثوليكيين اللذين تمكنا من الاستيلاء على مملكة غرناطة. هذا بالضبط كان هدف صاحبي الجلالة و هدف الإمبراطور، و من أجل هذا يُراعى القيام على شؤون قصر الحمراء و قصور أخرى صغيرة بحيث تظل كما كانت موجودة في عهد الملوك المسلمين. بهذه الطريقة تدل هذه القصور على سطوة المنتصرين (10).

ترحيل المقاتلين الغرباء من هذه المملكة أمر عادل، فلا فائدة تعود على أحد من اتصالهم بأهل البلاد، لكن هذه الأوامر صدرت سابقاً و لم تُنفذ أبداً، و تنفيذها الآن تترتب عليه مشاكل؛ لان معظمهم أصبح الآن من أهل البلاد، فقد تزوجوا و أصبح لهم أولاد و أحفاد و هؤلاء قد تزوجوا و لذلك فإن طردتهم من البلاد سيؤدي إلى تأنيب الضمير.

و ليست هناك مشكلة كذلك في أن يكون لأهل غرناطة عبيد. ألا يحق لأهل غرناطة أن يكون لهم خدم؟ هل كل الناس متساوون؟ القول بأن الشعب الموريسكي تعداده يزيد مع وجودهم هو مجرد توهم؛ لان صاحب الجلالة لما سأل عن تعداد العبيد السود في هذه المملكة قيل له إن عددهم عشرون ألف و قد أصبحوا الآن أربعمائة فقط، و في الوقت الحاضر لا توجد مائة تصريح بامتلاك عبيد. هذه المسألة أيضاً أثارها القساوسة. إنهم هم الذين مكنوا أصحابهم من امتلاكهم و هم الذين استفادوا من وجودهم.

ننتقل إلى اللغة العربية و هذه تمثل اكبر مشكلة، كيف يمكن أن يُحرم الناس لغتهم الطبيعية التي وُلدوا و تربوا عليها؟ إن المصريين و السوريين و المالطيين و جمع أخر من المسيحيين يتحدثون و يكتبون و يقرءون بالعربية و هم مسيحيون مثلنا. و لم يحدث في هذه المملكة أن كتب عقد أو وصية باللغة العربية منذ تحولنا إلى المسيحية. كلنا يتمنى أن يتعلم اللغة القشتالية، لكن هذا ليس في مقدور الناس. كم من الأشخاص موجودون في هذه المدينة و في قرى خارجها لا يتحدثون اللغة العربية إلا و كل منهم له لهجة مختلفة عن الآخر بحيث أنك بمجرد أن تسمع شخصاً من البشرات يتحدث تعرف أنه من البشرات؟ لقد وُلد هؤلاء الناس و تربوا في أماكن صغيرة ولم يسمعوا اللغة الأعجمية أبداً، و ليس هناك من يفهمها إلا القسيس و العريف، و هذان يتحدثان دائماً بالعربية، و سيكون من الصعب بل من المستحيل أن يتعلم كبار السن اللغة القشتالية في ما تبقى لهم من عمر، ناهيك عن فترة السنوات الثلاث، حتى لو لم يفعلوا شيئاً سوى الذهاب إلى المدرسة و العودة منها. من الواضح أن هذا البند وُضع لتعجيزنا: ففي حين لا يوجد من يعلمنا الأعجمية يريدون أن نتعلمها بالقوة، و أن نتخلى عن اللغة التي نجيدها؛ و هكذا يسببون لنا الأحزان و الصدمات، و هكذا عندما يرى أهل البلاد أنهم لا يستطيعون رفع الظلم فسيتركون البلاد خوفاً من العقوبة و يذهبون إلى بلاد أخرى و يتحولون إلى قطاع طرق. إن من أمر بهذا رغبة منه في خلاص النفوس عليه أن يعي أن ذلك سيؤدي إلى خطر عظيم. ليتأمل الوصية الثانية من الوصايا العشر، و عندما يحب الآخر لن يحب له ما لا يحب لنفسه. ليتأمل في أنه لو أمر مسيحيو قشتالة أو أندلوثيا بشيء واحد من الأوامر التي صدرت لنا لماتوا حزناً و لا أدري ماذا كانوا سيفعلون.

لقد كان رؤساء هذه المحكمة دائماً يحمون هذا الشعب البائس، إذا أهمَّ شعبنا شيء كان يهرع إليهم، و كانوا يعالجونه كأشخاص يمثلون الذات الملكية و يتمنون الخير لرعايا جلالة الملك. هذا بالضبط ما امله منكم جميعاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير