تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قصة الغرانيق باطل لا حق فيه]

ـ[أسامة عبد العظيم]ــــــــ[20 - 07 - 10, 10:05 ص]ـ

لقد ماجت العديد من كتب السير بقصص مختلقة لا يصح انتسابها لرسول الله أو الافتراء عليه بفعلها، من ضمن هذه القصص قصة الغرانيق، ومضمونها أن الشيطان قد ألقى على لسان رسول الله كلمات قالها وهو يقرأ القرآن على جمع من المسلمين والمشركين عقب الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، فلما سمعوها تعجبوا من ثناء النبي على آلهتهم بخير فسجدوا معه.

أما الكلمات التي زعموا أن النبي امتدح بها أصنامهم فهي (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لتُرجى)

وفي رواية [إن شفاعتها لتُرجى وإنا لمع الغرانيق العلى]

وفي أخرى [والغرانقة العلى تلك للشفاعة ترتجى]

أما عن مكانها فوسط آيات سورة النجم، قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّىَ وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الاُخْرَىَ [تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترجى] أَلَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الاُنْثَىَ)

فأي افتراء على رسول الله بعد هذا، أحاديث مرسلة تخالف القرآن الكريم وصحيح السُنة المُطهرة فكيف تجد من ينقلها أو يُحدِّث بها!

ألا يُخالف هذا قول الله تعالى (وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) (3)

ويخالف قول الله تعالى (إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (4)

ويخالف قول الله تعالى (لاَ تُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتّبِعْ قُرْآنَهُ) (5)

ويخالف قول الله تعالى (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (6)

ويخالف قول الله تعالى (تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رّبّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقّ مِن رّبّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مّا أَتَاهُم مّن نّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ لَعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ) (7)

ويخالف قول اله تعالى {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى} (8)

فهذه الآيات القرآنية حجة دامغة على بُطلان هذه القصة، كما أن هذه القصة لم تثبت بسند صحيح عن رسول الله ورغم هذا وقف عندها بعض أهل العلم يحاولون أن يلتفوا بها ليثبتوا غير ما تعنيه أو أن يؤلوا معناها وأنها لا تخالف عصمة الأنبياء وأنها لا تتعارض مع حقائق رسالة الإسلام التي تنفي أي صورة من صور الركون من رسول الله للمشركين والتي تنفي أيضا إمكانية خطأ رسول الله وهو يبلغ القرآن عن رب العالمين لا سهوا ولا عمدا، فهذا لا يصح بل هو بهتان عظيم.

ونحن إذ نقول أن هذه القصة لا يصح انتسابها لرسول الله لوجود الحجة التي تبرهن على بطلانها سندا ومتنا نؤكد أن غير واحد من أهل العلم قد قبل حدوثها وحاول الالتفاف بمضمونها وتأويله لكي لا تتنافى مع عصمة الأنبياء في أمانة التبليغ عن الله عز وجل، إلا أن الحق لا يُعرف بالناس وإنما يُعرف الناس بالحق، والعبرة بما صح من الخبر فالخطأ لم يسلم منه أحد.

ولعظيم شأن هذا الأمر وتعلقه بمسألة عقائدية، ولشيوع خبر هذه القصة في العديد من كُتب السير بل وكُتب التفاسير فإننا سنتناولها بعرض أكثر تفصيلا لتُقام به الحُجة ويظهر به الحق ويُبرأ رسول الله من هذا البهتان العظيم.

تحدث عن بُطلان هذه القصة غير واحد من أهل العلم وتناولوها بكل الوجوه وتتبعوا كل أسانيدها ثم أقاموا الحجة بالدليل والبرهان على بطلانها سندا ومتنا، من هؤلاء القاضي عياض في كتابه " الشفا " والشيخ الألباني في رسالة بعنوان " هدم قصة الغرانيق " والشيخ الشنقيطي في كتابه " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " وغير واحد من أهل التفسير، كان مما جاء عنهم:

من حيث السند:

قال القاضي عياض: يكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند متصل سليم وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير