تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قضايا في الإسراء والمعراج]

ـ[أسامة عبد العظيم]ــــــــ[20 - 07 - 10, 10:20 ص]ـ

أما الإسراء فهو الرحلة الأرضية الليلية التي هيأها الله عز وجل لرسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالشام، وأما المعراج فما تلا ذلك من عروج إلى السماء، من القدس إلى السموات العُلا إلى مستوى لم يرق إليه بشر من قبل، إلى سدرة المنتهى.

ومنذ القدم ورحلة الإسراء والمعراج قد أثارت كثيرا من المُناقشات حول كيفيتها وهل كانت بالروح فقط أم بالروح والجسد؟ وهل كانت مرة واحدة أم أكثر من مرة؟ ومتى كان وقتها بالتحديد؟ ولماذا المعراج من بيت المقدس؟ وهل رأى النبي ربه في هذه الرحلة؟

تساؤلات عدة يسر الله جمعا من علماء الأمة إلى التصدي لها وتوضيحها وتفسير مُشكلها لئلا يلتبس على الناس الأمر وتتضارب عليهم الأقوال، ولعلنا نتصدى لبعض من هذه التساؤلات بشيء من التفصيل لما لهذه الرحلة من مكانة عظيمة في الإسلام، ولما في رموزها من دلالات ومعان نحن في أمس الحاجة إلى التعرض لها بعدما أصاب مسرى الرسول ما أصابه من ذل واحتلال.

لا شك أن رحلة الإسراء والمعراج كانت هبة عظيمة من الله عز وجل إلى رسوله كان لها أكبر الأثر في نفسه وفي دعوته وبل وفي أمته من بعده، ونظرا لتعدد الروايات التي نقلت مراحل هذه الرحلة العجيبة فقد حاول البعض جاهدا في أن يوفق بين هذه الروايات وما قد تتضمنه من اختلافات فدفعهم هذا إلى القول بأن هذه الرحلة لم تكن مرة واحدة، فقال البعض كانت مرتين الأولى مناما وكأنها توطئة لرسول الله والثانية يقظة، وذهب البعض إلى القول بأنها وقعت ثلاث مرات الأولى قبل الوحي واثنتان بعده، بل لقد تجاوز البعض فعد إسراآت عدة قبل البعثة وبعدها في مكة وفي المدينة، وبقدر اختلاف الروايات عدوا الوقائع.

والقول بتكرار وقوعها سواء توطئة أو يقظة لم يثبت عن النبي أو أنه أشار إلى تعدد وقوعها، كما أن أحدا من أصحابه ومن تبعهم قد نقل للناس تعدد وتكرار وقوعها، بل إن كل من ذهبوا إلى تكرار وقوعها لم يستندوا إلا للاختلافات التي بين الروايات التي روت هذه القصة، وكل الروايات التي تحدثت عن هذه الرحلة العجيبة قد اتفقت على فرض الصلاة في هذه الرحلة وتردد النبي بين موسي عليه السلام وبين ربه ليخفف الصلاة عن أمته فتصير خمسا في العمل وخمسين في الأجر، أفي كل رحلة يبدأ الأمر من جديد! تُفرض من جديد خمسين ثم تُخفف إلى خمس! إن القول بتعدد مرات وقوعها قول تأويلي حاول به بعض العلماء الجمع بين الروايات، في محاولة منهم لدفع ما قد يتعارض بين بعض ألفاظها، وما دام الله عز وجل لم يخبرنا بتعدد وقوع هذه الرحلة وما دام رسوله لم يتحدث عن تكرار وقوعها، وما دام أصحابه لم يشيروا إلى تكرار وقوعها ويثبت عنهم صراحة، فالأولى أن نؤمن بوقوع هذه الرحلة مرة واحده وهي بعد البعثة وقبيل الهجرة وقد فُرضت فيها الصلاة.

أما عن كونها بالروح فقط أو بالروح والجسد، فهو من أكثر القضايا جدلا في هذه الرحلة، منذ القدم وحتى الوقت الحالي

قال القاضي عياض في "الشفا " اختلف السلف و العلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده؟ على ثلاث مقالات:

ذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح، و أنه رؤيا منام، مع اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء حق ووحي، وإلى هذا ذهب معاوية و ما حكوا عن عائشة رضي الله عنها " ما فقدت جسده، وقوله " بينا أنا نائم " و قول أنس وهو نائم في المسجد الحرام ... و ذكر القصة، ثم قال في آخرها " فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام ".

و قالت طائفة: كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس، و إلى السماء بالروح، واحتجوا بقوله تعالى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (1) فجعل [إلى المسجد الأقصى] غاية الإسراء الذي وقع التعجب فيه بعظيم القدرة، والتمدح بتشريف النبي به، و إظهار الكرامة له بالإسراء إليه، وقال هؤلاء "و لو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره فيكون أبلغ في المدح "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير