تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التأثيرات الاجتماعية والأخلاقية للحضارة الإسلامية علي أوربا]

ـ[عبد المنان محمد شفيق السلفي]ــــــــ[25 - 07 - 10, 12:41 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[التأثيرات الاجتماعية والأخلاقية للحضارة الإسلامية علي أوربا]

لقد اهتم الإسلام بشؤون الاجتماع كما اهتم بأمور الأخلاق، وعني بهما عناية كبيرة وفائقة، و وضع لهما قوانين دقيقة و نظم أمورهما تنظيما شاملا، وتطرق حتى إلي أبسط جزئية لهما من آداب الأكل والنوم والشرب والغائط والبول وغيرها، لكي يقوم المجتمع الإسلامي على أسس قوية ومتينة، ويكون مجتمعا مثاليا وحقيقيا خاليا من العيوب والنقائص على العموم، كما ينشأ و يتربي كل مسلم على أخلاق حميدة و عالية، ويكون نموذجا حيا ومثاليا للإسلام وقدوة حسنة أمام الغير، ويكون قمة في أخلاقه.

ولا ريب أن المسلمين الأوائل بلغوا القمة في الأخلاق،وقدموا أروع الأمثلة وأفضل النماذج في هذا الباب أمام جميع أهل الأرض، فكانوا بلا شك أصدق صورة وأفضل أنموذج للإسلام، كما كان المجتمع الإسلامي الأول مجتمعا مثاليا قائما على أسس التعاون والمودة وخاليا من الفواحش والمنكرات في الأغلب، وكان أصدق تعبير للإسلام وأفضل تمثيل له.

ولذا عندما فتح المسلمون الأندلس و صقلية و جنوب فرنسا، وسكنوا فيها وتعاملوا مع أهلها، كذلك حينما وردت جحافل النصارى خلال الحروب الصليبية في العصور الوسطى إلي بلاد الشام، وأقاموا فيها واختلطوا مع سكانها المسلمين، شاهد الأوربيون في كلتا الحالتين بأعينهم أخلاق المسلمين العالية و صفاتهم المحمودة في هذه المناطق، ورأوا عن كثب مجتمع المسلمين المثالي، ولاحظوا عن قرب العادات والتقاليد الاجتماعية الإسلامية، فاندهشوا وافتتنوا بها، و شغفتهم أخلاق المسلمين وعاداتهم الاجتماعية، ومن ثم أخذ الأوربيون في تقليد كثير من أخلاق و عادات و تقاليد المسلمين، وهكذا انتقلت كثير من العادات الاجتماعية و الأخلاق الإسلامية إلي أوربا.

ومن هذه الصفات و الأخلاق والعادات ما يلي:-

التسامح الديني، الفتوة، التكافل الاجتماعي، الصبر، الكرم، حسن الجوار، كرم الضيافة، احترام المرأة، الرفق بالحيوانات، بعض الألعاب الرياضية، بعض طرق الصيد، رقة العواطف، لين الطبائع، احترام الأرقاء، الشجاعة، عادة الاستحمام، الحمامات،احترام العهود والوفاء بالوعود، مساعدة الأرامل والنساء، المساواة وإلغاء الطبقات الاجتماعية، تحرير العقل ونشر بذور الحرية الاجتماعية، فن الطبخ و بعض الأطعمة، قواعد الفروسية وأخلاقها، أدوات الزينة، الملابس، بعض فنون العمارة و الموسيقي وبعض الآلات الموسيقية … الخ

ويظهر من الفقرة السابقة أن التأثيرات الاجتماعية والأخلاقية للحضارة الإسلامية علي أوربا كثيرة ومتعددة وواسعة وشاملة لكثير من النواحي والجوانب، ولا يمكن تناول كلها في هذا البحث الموجز، ولذا أكتفي ببيان وشرح بعض أبرز الصفات و أشهر العادات وأفضل الأخلاق التي لها أثر عميق و واسع علي أهل أوربا، وهي كما يلي:-

1 - التسامح الديني: و تعتبر هذه الصفة من أثمن و أجمل صفات المرء التي يجب أن يتحلي بها كل إنسان على وجه هذه الأرض، كما هي من أجل الصفات و أكرمها التي انتقلت إلي أوربا من المسلمين، فقد أجمعت المراجع والوثائق الأوربية علي أن النصارى و اليهود والزرادشتية والصابئة وغيرهم من أهل الأديان الأخرى تمتعوا في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح والحرية الدينية ليس لها نظير في البلاد المسيحية المعاصرة , وذلك أنهم تركوا أحرارا في مباشرة شعائر أديانهم واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم , ولم تفرض عليهم سوى جزية ضئيلة تراوحت قيمتها بين دينار وأربع دنانير , ولم تفرض هذه الجزية إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح , ويُعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون البلوغ , والأرقاء والشيوخ والعجزة والمعدمين , ومن الواضح أن أهل الذمة أعفوا من الخدمة العسكرية مقابل دفع الجزية , كذلك أعفوا من الزكاة التي فرضت على المسلمين وحدهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير