تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الناب الثاني فقد كشّروا عنه سنة 1499م بإصدار مرسوم ملكي يقضي بتنصير المسلمين و تعميدهم قسرا و تخليهم عن أسمائهم و أزيائهم الإسلامية و لغتهم العربية و كل ما يمتّ للإسلام بصلة. فرفض أهل الأندلس هذا القرار فثاروا في غرناطة لكن ثورتهم أٌخمدت. و أمام إصرار النصارى على تنصيرهم عاش الأندلسيون حياة مزدوجة فهم ظاهرا نصارى و باطنا مسلمون. و أنشأ الأسبان محاكما للتفتيش لمراقبة تصرفاتهم و محاكمة كل من يتشبت بالإسلام. و استمر الأندلسيون على هذا الحال حتى سنة 1567م حيث أصدر الملك فيليب الثاني قرارا صارما بالتشديد على الأندلسيين و عدم التسامح مع من يٌبدي أي مظهر من مظاهر الإسلام فقام الأندلسيون سنة 1568م بثورة كبرى في غرناطة استمرت 4 سنوات انتهت بقمعها و اشتداد الوطأة على الأندلسيين الذين ظلوا رغم كل ذلك يحفظون شيئا من الإسلام. و جاءت سنة 1609م التي شكلت سنة الفرج للأندلسيين حيث أعلن الملك فيليب الثالث بإيعاز من القساوسة قرارا بطرد كل الأندلسيين من إسبانيا حفاظا على وحدة العقيد ة الكاثوليكية الإسبانية من خطر"المورسكيين" الذين لازالوا مسلمين يحملون دين محمد صلى الله عليه و سلم. و بالفعل تمّ طردهم إلى شمال إفريقيا حيث بلاد الإسلام و هكذا أنجاهم الله عزّ و جل من الكفر النصراني.

2 - رمضان عند المورسكيين

حاول المؤرخون الإسبان الذين عاصروا المورسكيين بإسبانيا رسم صورة لحياتهم الدينية السرية و قد خرجوا جميعا بخلاصة مفادها أن صيام شهر رمضان و احترامه و تعظيمه هو أكثر ما تشبّت به المورسكيون رغم مرور العقود على تنصيرهم.

يقول المؤرخ الإسباني بورونات إي باراتشينا ( Boronat y Parrchina) محاولا رسم صورة عن حياة المورسكيين الدينية كما كانوا يؤدونها خفية عن أعين الوشاة النصارى , وقد أورد عدة مظاهر أساسية في حياة المسلمين بينها الصيام حيث ذكر عن شهر رمضان:

" و مدته ثلاثون يوما, لا يأكل المسلم خلال اليوم إلا في الليل عند بزوغ النجم, وفي كل ليلة يتسحر المسلم, فيأكل بقية ما خلفه في أكل الليل. يأكل قبل الفجر و يغسل فمه و يؤدي الصلاة, ويتطهر المسلم قبل بدئ رمضان. يبدأ الصوم برؤية الهلال و ينتهي برؤية الهلال. بعد ذلك ينتظر أحد عشر شهرا, و الشهر الثاني عشر يكون هو رمضان, بحيث أن رمضان يبدأ قبل رمضان السابق له بنحو عشرة أيام, إذ هكذا يكون حساب الأهلة.

بعد أن ينتهي شهر رمضان – و مدته ثلاثون يوما – يحتفل المسلمون بعيد الفطر. و في أول أيام العيد يُقبّل الابن المسلم يد أبيه و يطلب منه أن يُسامحه, و الآباء يباركون الأبناء فيضعون أيديهم على رؤوسهم و يقولون "جعلك الله مؤمنا (أو مؤمنة) صالحا (أو صالحة) " , و يطلب كل مسلم من أخيه المغفرة قائلا:"غفر الله لي و لك". (1)

و استخلصت الباحثة الإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال بعض طول دراسة لمحاضر محاكم التفتيش الإسبانية أن: " العبادات الأكثر رسوخا في حياة المورسكيين , و التي يتردد ذكرها في كل محاضر التفتيش تقريبا, هي صيام رمضان و الطهارة و الصلاة."

و واصلت الباحثة "و بدون أدنى شك, صيام رمضان هو العبادة الدينية الأكثر تأصلا في حياة المسيحي الجديد, و في الغالب هي أكثر عبادة يحافظ عليها الجميع. و يمكن القول بأنه أخر مظهر إسلامي من حيث التلاشي ... فصيام رمضان كما تصفه المحاضر, يرتكز أساسا على الإمتناع عن الطعام و الشراب و المحافظة على ذلك من الفجر إلى الليل عندما تطلع النجوم خلال شهر رمضان بأكمله. على وجه التحديد, طابع الرفض و الإمتناع في الصيام, مثل ذلك طابعه الجماعي, يجعل منه العبادة الإسلامية الأكثر تأصلا, و بالتالي الأكثر تميزا" (2).

أما الباحث الإسباني الشهير خوليو كارو باروخا فقد ذكر نقلا عن كتاب"سرفنتس و المورسكيون:" أنه في بداية القرن السابع عشر كان أهل مرسية و جيان و من بقي في غرناطة يصومون رمضان." (3) أي بعد 110 سنوات على سقوط غرناطة حافظ الأندلسيون على صيام رمضان. و هذا إن كان يدلّ على شيء فإنما يدل على عظم مكانة هذا الشهر عندهم رغم بطش النصارى بهم و ليعتبر اليوم من فرّط في صيام رمضان.

3 - تشوق المورسكيين لرمضان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير