تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يكونوا يأكلون طوال اليوم حتى حلول الليل" (9).

و جاءت شهادة بيرنات المعلم – المسؤول في بناغواتيل عن ذهاب المورسكيين لسماع الوعظ النصراني بالكنائس – لتأكد التزام عائلة ابن عامر بالتعاليم الإسلامية , حيث يذكر محضر الإتهام عن بيرنات أنه" شاهدهم يصومون رمضان من أول شهر يوليو" (9).

أما سيبستيان القواغازي من مواليد أوريا بنهر المنصورة فقد حكم عليه سنة 1574م بمصادرة جميع ممتلكاته و التجديف ست سنوات في سفن الملك و ذلك لتلبسه بممارسة شعائر إسلامية منها:

"أنه كان يتوضأ مرات عديدة و صلى على طريقة المسلمين و صام الصيام الذي يقولون عنه صيام رمضان ممتنعا عن الطعام و الشراب حتى دخول الليل و طلوع النجوم ... "

و قد اعترف سيبستيان قائلا:

" إن مسلمي البربر ممن شاركوا في ثورة غرناطة علموه صيام رمضان, وهو يصوم شهر كامل ... " (10).

و " كان الإتهام يوجّه أحيانا إلى المورسكيين جملة على أثر بعض الحملات الفجائية على المحلات المورسكية, فقد حدث مثلا في سنتي 1589م-1590 أن سجلت مائة قضية في قرية "مسلاته"المورسكية بالقرب من بلنسية و سجلت في قرية "كارليت" مائتان, و اتهمت أربعون أسرة بصوم رمضان." (11)

و لتفادي المراقبة النصرانية عمل الأندلسيون على احتراف مهن تٌبعدهم عن أعين الوشاة حتى يتمكنوا من أداء شعائرهم الإسلامية في اطمئنان نسبي. و هكذا فقد اشتغلوا بمهنة نقل البضائع حيث كانوا يقضون رمضان في قرى غير قراهم أو في طريقهم إلى مدينة أخرى. و قد شكل لهم هذا فرصة لدعوة الأندلسيين إلى الإسلام و تعليمهم أمور دينهم, فلله ذرهم قد كانوا دعاة في قلب البلد الكاثوليكي المتعصّب.

ف"في إحدى الرحلات التي كان يسيرها بدرو زامورانو ( Pedro Zamorano) اجتهد هذا الأرقوني لإقناع المورسكي الوحيد الذي رفض الصوم – إذ كانت الرحلة في شهر رمضان –بحتمية احترامه لهذه القاعدة الإسلامية" (12)

و لننظر من خلال القضايا أدناه المحفوظة في أرشيفات محاكم التفتيش إلى هم الدعوة عند الأندلسيين:

"في عام 1524م كان أغوستين دي ثيلي Agustin de celei, وهو نسّاج من ديثا, غالبا ما يذهب إلى أراغون لزيارة أقاربه و أصدقائه. و كان ميغيل دي ديثا يذهب إلى مولد سان أندرس دي داروقا San Andres de Daroca و قام ماتيو ألموتثان Mateo Almotazan برحلة من ديسا إلى سرقسطة و علّمه المورسكيون الأراغونيون كيف يصوم رمضان و متى. "

و كان غريغوريو غورغاث Gregorio Gorgaz, العمدة الإعتيادي لديثا, يمتلك بعض خلايا النحل في سيستريكا و كان يذهب إلى هناك كثيرا, قام المورسكيون بهذا الإقليم بتعليمه صيام رمضان و الصلاة و الطهارة ... و كان لويس إيرناندبيث, أحد ناقلي البضائع, قد تعلّم كل ما يتعلق بالإسلام في أراغون التي كان يمرّ بها في أسفاره, وهناك و بإرادته قطع على نفسه عهدا أن يكون مسلما. و سافر لويس دي أورتوبيا إلى قطالونيا لبيع حمولنه عندما بدأ رمضان, و أراد أصدقاؤه الأراغونيون أن يصوم معهم, ولما لم يتمكنوا من إقناعه حملوه إلى قرية بها فقيه مشهور كي يعلمه الصيام و يحوله إلى الاسلام. " (13)

وقد ساعد بعض النصارى القدامى المورسكيين على أداء شعائرهم الدينية بما فيها الصلاة و الصيام لكن محاكم التفتيش كانت لهم بالمرصاد و حاكمتهم بتهمة حماية المورسكيين و إبقائهم على دينهم الإسلامي. و أذكر هنا حالة النصراني سانشو دي كاردونا أدميرال المقيم ببلنسية و الذي اتهم في 14 مايو 1568م بحماية المورسكيين و تمكينهم من أداء شعائرهم الإسلامية حيث قام ببناء مسجد لهم. و جاء في محضر الإتهام:

" كان أمر تشييد المسجد معلوما , و كان وفود المورسكيين إليه معلوما, وكانت الفضيحة كبيرة وصلت إلى مسامع أسقف بلنسية, ثم إلى مسامع جلالة الملك فيليبي سيدنا, و بأمر صاحب الجلالة –كمسيحي مخلص – هُدم المسجد, و رغم هدمه فقد استمر قائما كمكان يعيش فيه المورسكيون بدعم من السيد سانشو. إن رعايا السيد سانشو من المتنصرين (المورسكيون) قد واصلوا أداء شعائر طائفتهم الخاصة بالزفاف و الزواج, و الخاصة بصيام رمضان, و الإحتفال بالأعياد التي يحتفل بها المسلمون, وختان الذكور كبارا و صغارا" (14)

و الشاهد هنا هو استمرار المورسكيين في صيام رمضان حتى بعد عقود من فرض التنصير عليهم و محاولة طمس هويتهم الإسلامية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير