وتجد جلٌ هؤلاء لديهم طرق متعددة لتأكيد صحة انتسابهم إلى آل البيت في الكتب التي ألفوها، أو في المقالات التي ينشروها على الانترنت، فهم يجعلون المعقب منقرض، والمنقرض معقب، ثم يضعون أعمدة نسب لبعض الأعلام توصلهم إلى أحد الأعلام المعروفين والمشهورين بصحة الانتساب إلى آل البيت، ويزعمون إنهم من ذريته. وحينما ترجع إلى المصادر التاريخية والمشجرات القديمة لأنساب آل البيت وتقف عليها للتحقق من ذلك، تجد إن أعمدة النسب التي وضعها هؤلاء المؤلفين لتأكيد صحة انتسابهم إلى آل البيت، هي أعمدة وهمية ليس لها ذكر أو وجود في المصادر التاريخية، أو مشجرات الأنساب القديمة لآل البيت. وهناك من وصل به ضعف الأمانة العلمية والقدرة على البحث والتروي إلى نقل عمود نسب من مصدر ثم يقوم بالتغيير والحذف والإضافة في عمود النسب، ليخرج عمود نسب جديد من عمل يديه ويزعم انه نقله عن ذلك المصدر. وحينما تقف على إلى ذلك المصدر للتحقق من عمود النسب تجد إن عمود النسب الذي يذكره المصدر يخالف عمود النسب الذي ذكره مؤلف الكتاب نقلاً عن ذلك المصدر.
ليت شعري لو علم أولئك المتلاعبين بالأنساب عن حرمة الانتساب إلى آل البيت بالباطل وبغير حق. فلا شك ولا ريب أن الانتساب إلى غير الأب أو القبيلة مما حرمه الله تعالى، وخاصة البيت النبوي لما يترتب على ذلك من الاستخفاف بالجناب النبوي، والتشبع بالباطل مما حباهم الله من الفضائل والحقوق الشرعية.
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:
» ليس من رجل ادعى لغير أبيه – وهو يعلمه – إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار «. صحيح البخاري كتاب المناقب (3/ 1292).
وقال إمام دار الهجرة مالك بن أنس (ت 179هـ): «إن من انتسب إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام – يعني بالباطل – يُضرب ضرباً وجيعا، ويشهر، ويُجبس حبساً طويلاً حتى يُظهر توبته، لأنه استخفاف بحق النبي عليه الصلاة والسلام». الأسرار المرفوعة ص 276.
وقال السخاوي (ت 902هـ) عقب سرده لأحاديث الوعيد لمن انتسب إلى غير أبيه: «وعجيب من قوم يبادرون إلى إثباته بأدنى قرينة وحجة موهمة يسألون عنها يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم». الصواعق المحرقة ج 2 ص 689، وانظر ج 2 ص 647 فقد نسب الهتيمي هذا الكلام للسخاوي.
وقال الفقيه الهيتمي (973هـ): «ينبغي لكل أحد أن يكون له غيرة على هذا النسب الشريف وضبطه حتى لا ينتسب إليه صلى الله عليه وسلم أحد إلا بحق». الصواعق المحرقة ج 2 ص 537.
وقال الفقيه الهيتمي: «ولم تزل أنساب أهل البيت النبوي مضبوطة على تطاول الأيام، وأحسابهم التي بها يتميزون محفوظة عن أن يدعيها الجهال واللئام، قد ألهم الله من يقوم بتصحيحها في كل زمان، ومن يعتني بحفظ تفاصيلها في كل أوان، خصوصاً أنساب الطالبيين والمطلبيين». الصواعق المحرقة ج 2 ص 537.
وقال العلامة المؤرخ حمد الجاسر – رحمه الله تعالى -: «لعل أبرز جانب استمرت العناية به تزداد وتقوى من علم الأنساب ما يتصل بآل النبي صلى الله عليه وسلم فقد عني كثير من العلماء عناية تمثلت في كثرة المؤلفات والمشجرات التي لا تدخل تحت الحصر لكثرتها منذ أن ألَّف يحي ابن الحسين بن جعفر العقيقي (214 – 277هـ) كتابه (أنساب آل أبي طالب) إلى عصرنا هذا». جريدة المدينة السعودية، ملحق الأربعاء ص 11 بتاريخ 17 شوال 1419هـ.
وقال العلامة المؤرخ عاتق بن غيث البلادي الحربي «إن أشراف الحجاز – خاصة – أنسابهم صحيحة غير مدخولة، ولديهم مشجرات يتوارثونها، يرثها الأحفاد عن الأجداد، حتى أن بعضهم يحفظ هذا النسب، فلان بن فلان، إلى علي وفاطمة عليهما رضوان الله». رسائل ومسائل (2/ 68).
ولذلك نجد أن العلماء المتقدمين والمتأخرين اعتنوا بتدوين أنساب وتاريخ آل البيت، فالمصادر التي تحدثت عن أشراف الحجاز وضبطت أنسابهم كثيرة من أهمها كتب الأنساب، والمشجرات، والتاريخ، والتراجم، والرحلات، والجغرافيا، وصكوك الأوقاف والأملاك، والوثائق.
وقد قيض لهذا النسب الشريف رجالاً على مر العصور ينفون عنه انتحال المنتسبين وتحريف الغاليين. وجدير بالذكر أن النسابة الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير أوضح في كتاب «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف»، أهم وأغزر كتب الأنساب والتاريخ والتراجم والمشجرات، مما وقف عليه المؤلف ورتب تلك المصادر على وفيات أصحابها لكي ترى عناية المؤلفين المتصلة قرناً بعد قرن بنسب أشراف الحجاز، وقد قسم تلك المصادر إلى قسمين القسم الأول يختص بكتب الأنساب والمشجرات، أما القسم الثاني فيختص بكتب التاريخ والتراجم، وذلك ابتداءً من القرن الثالث الهجري وحتى القرن الخامس عشر الهجري، وقد أوضح المخطوط منها والمطبوع.
لقد تناسى أولئك المؤلفين أن هناك الكثيرون في هذا العصر من ذرية آل البيت لديهم معرفة ودراية بالأنساب، ويميزون الصحيح من الدعيّ، فضلاً عن وجود الكثير من النسابين الثقات من أبناء القبائل الأخرى لديهم معرفة بأنساب آل البيت. فحري بكل مسلم في هذا العصر الذي كثر فيه المدعين بالانتساب إلى آل البيت بالباطل، ولديه علم و اهتمام في علم الأنساب أن يقوم بفضح أولئك المدعين، وكشف زيف ادعائهم، خصوصاً نسابة آل البيت الثقات. لأن آل البيت قد فرض لهم الشارع الكريم حقوقاً شرعية لشرف هذا النسب الكريم. وأن يجعل ذلك العمل، والجهد خالصاًُ لله سبحانه وتعالى، وحباً لرسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، وعملاً بمنهج أهل السنة والجماعة في حبهم وتوقيرهم لآل البيت دون مغالاة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين." انتهى
منقول من منتدى الاشراف
فلو طرت الى الثريا لما امكنك الدخول للاشراف يابو بشير الا عن طريق الاشراف انفسهم.