فيقال: ما دام الطبري - والسلف إجمالاً - قد قبلوا رواية هذا الراوي في باب من أبواب العلم، فالأصل أن روايته مقبولة في هذا الباب، وصار قبولها هو الأصل، والمنكر هو الذي يجب عليه إثبات دعواه!
وطبعاً ليس من حقنا - نحن الجاهلون بأبجديات البحث العلمي - أن نطالب أبا فهر بتحرير تهمة الزندقة! وكيف غفل عنها السلف؟! وهل غفلوا عنها فعلاً؟! فهذا كله لا حاجة له! بل هو بطاطا وركعة خامسة ... إلخ
وأما (القفزة الأوليمبية) فلم يجد الأخ جواباً عليها إلا أن يجعلني أنا القافز!
نفس الأسلوب في الجواب! أي الفرار من الجواب! ومطالبة الطرف الآخر بالجواب!
فأكرر السؤال الخطير ليرى القراء الأفاضل من القافز، وهل لديه جواب أم هو يفرّ من الجواب!
ابن أبي حاتم يقول (سيف متروك الحديث)، ولم يقل (سيف متروك الحديث والتاريخ)، فضلاً عن أن يقول (سيف متروك الحديث والتاريخ ويخترع رجالاً من الخيال).
فالذي يريد تطوير التهمة من (متروك الحديث) إلى (متروك التاريخ ومخترع للرجال) يجب عليه أن يتولى أمره بنفسه، وأن لا يرمي بشذوذه وأهوائه على ابن أبي حاتم!
وإلا فهي قفزة أوليمبية هائلة! وليس للأخ السلفي سلفٌ فيها!
وقد أوضحت أن السلف يقفون في صف واحد في هذه المسألة:
فالطبري يشارك ابن أبي حاتم في التفريق، لأنه قَبِل روايات سيف في التاريخ، وكذلك ابنُ عبد البر، وابن الأثير وابن كثير، بل جميع السلف في واقع الأمر! وليس للأخ (السلفي!) سلفٌ فيها إلا الرافضي المعاصر مرتضى العسكري، وإن شاء فليكذِّبني وأنا أخضع للحق وأعتذر إن شاء الله!
وقد صرح ابن حجر بالتفريق فقال عن سيف (ضعيف الحديث عمدة في التاريخ)!
وهذا التفريق منهم بين الحديث والتاريخ لا يقتصر على سيف، بل يشمل ابن إسحاق والواقدي ابن الكلبي وأبي مخنف ومئات الرواة الذين يقبل كلامهم في شيء دون شيء.
ولا يقتصر على التاريخ، بل يمتد إلى جميع العلوم! وهذا مثال صغير من كلامهم (كان حفص بن سليمان ثبتا في القراءة، واهيا في الحديث)
وهذا هو مقتضى العدل والإنصاف، وكل علم يردّ إلى أهله!
ولكن ليس عند أبي فهر - بعد الانقطاع وتغيير الموضوع - إلا الاعتصام بأبي حاتم! (أبو حاتم أبطل سنده بنفس الحجة التي يبطل بها وجوده كله). مع أنه قال في موضع آخر (وأما مشاهد القعقاع بن عمرو في المعارك أو غيرها = فلم يتعرض لها أبو حاتم وينظر في أسانيدها بحسبها)
ويتكلم أبو فهر عن المبرسمين الذي لا يفقهون أبجديات البحث العلمي وليس لديهم مسكة من عقل!
هل هذا الاعتراض صحيح أم فاسد؟!
لا أ؟ ن قارئاً منصفاً يستطيع أن يقول إنه خارج عن الموضوع أو عن دائرة الإنصاف!
وأنا زعيم للقارئ بأن أبا فهر ليس لديه إجابة على هذا الاعتراض - وعلى سائر الأسئلة المطروحة - إلا الكلام الإنشائي!
لماذا؟
لأنه يكرر أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث!
ولكنه قد قرر قبل البحث - شاء أم أبى - أن الطبري وابن حجر مبرسمون وليس لديهم مسكة من عقول!
ومن كان متروك الحديث متهماً بالزندقة والوضع = لا يتعلق بروايته من له مسكة من عقل
ما قيمة المزيد من البحث إذن!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 - 11 - 10, 12:42 م]ـ
سأحدثك عن أبجديات البحث العلمي:
لو أخبر الطبري - وهو مؤرخ إمام معتبر - بأن هيان بن بيان بن سمعان بن جوعان قد شارك في القادسية، لخرج هيان بن بيان بن سمعان بن جوعان من الجهالة المطلقة ودخل إلى التاريخ، وصار وجوده هو الأصل، وصار يجب على من ينكر اصل وجوده أن يأتي بالدليل الكافي!
المثبت مقدم على النافي! ومن حفظ حجة على من يحفظ! ... إلخ أبجديات البحث العلمي!
بل لا علاقة لهذا لا بأبجديات البحث العلمي ولا بهجائه ..
فإن مجرد الدعوى لا تثبت شيئاً، والمثبت المقدم هو من أثبت بعلم وبينة وليس من كان إثباته هو مجرد دعوى ..
فضلاً عن أن الزعم بأن الطبري أثبت = هو دعوى خالية عن البرهان، وإنما الطبري ساق بسنده رواية لم يصححها ولم ينص على أنه يقبل كل ما يذكره، بل زعم هذا دعوى مجردة أيضاً لم ينقل صاحبها ما يعضدها بل حاول تحريف ما يدل على عكسه من أن الطبري إنما يسوق ما يجعل العهدة فيه على الإسناد المبرز ..
فالذي أثبت في حاق الأمر هو سيف بن عمر المتروك المتهم بالزندقة والوضع ..
وطبعاً سيقول أبو فهر: الطبري رواه عن فلان المتهم بالزندقة ... إلخ
¥