قبول الحق ممن قاله ليس عيباً إلا إن صح أن يقال إن إبليساً هو سلف أبي هريرة في حديث آية الكرسي ..
وأن اليهودي هو سلف النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف ..
وإنما العيب هو قبول رواية متروك الحديث متهم بالزندقة والوضع وأن يكون من قبلها هو من يعيب على الرافضة أنهم يكذبون ويقبلون الكذب!!
وقد نص على تضعيف خبر سيف في القعقاع أبو حاتم ونفس العلة هي علة جميع أخباره التي رواها سيف،والتفريق دعوى لا حجة عليها ..
وقد صرح ابن حجر بالتفريق فقال عن سيف (ضعيف الحديث عمدة في التاريخ)!
عمدة في التاريخ يشتهر بروايته وليس ثقة فيه، وإلا لما ضعف هو نفسه رواية رواها سيف في أخبار عبد الله بن سبأ ..
وهي كعبارة الدارقطني في لوط: ((أخباري ضعيف)) ينص على علمه الذي اشتغل به، ولا يوثقه في التاريخ ..
وهذا التفريق منهم بين الحديث والتاريخ لا يقتصر على سيف، بل يشمل ابن إسحاق والواقدي ابن الكلبي وأبي مخنف ومئات الرواة الذين يقبل كلامهم في شيء دون شيء.
ولا يقتصر على التاريخ، بل يمتد إلى جميع العلوم! وهذا مثال صغير من كلامهم (كان حفص بن سليمان ثبتا في القراءة، واهيا في الحديث)
وهذا هو مقتضى العدل والإنصاف، وكل علم يردّ إلى أهله!
بشرط ألا يكون هذا الأهل سيروي لنا اخباراً وهو متروك متهم بالزندقة والوضع، والرجل خفيف الضعف أو حسن الحديث كحفص وعاصم وابن اسحاق، يضبط ما اشتغل به ضبطاً أحسن من ضبط الحديث، أما من اتسعت الهوة في ضبطه فلا ينفعه علمه، فضلاً عن أن يكون متهماً بالوضع والزندقة، فأنى نأمن كذبه ولو في علمه ..
قال شيخ الإسلام:
((وَأَمْرُ مُسَيْلِمَةَ مَشْهُورٌ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ الَّذِي يُذْكَرُ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ، وَالْمَغَازِي وَالْفُتُوحِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْكَلَامِ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ خَلُصَ إِلَى الْعَذَارَى فِي خُدُورِهِنَّ، بَلْ قَدْ أَفْرَدَ الْإِخْبَارِيُّونَ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ كُتُبًا سَمَّوْهَا كُتُبَ " الرِّدَّةِ " وَ " الْفُتُوحِ " مِثْلَ كِتَابِ " الرِّدَّةِ " لِسَيْفِ بْنِ عُمَرَ وَالْوَاقِدَيِّ وَغَيْرِهِمَا، يَذْكُرُونَ فِيهَا مِنْ تَفَاصِيلِ أَخْبَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقِتَالِهِمْ مَا يَذْكُرُونَ كَمَا قَدْ أَوْرَدُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفُتُوحِ الشَّامِ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ وَمِنْهُ مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ، وَمِنْهُ أَشْيَاءُ مَقَاطِيعُ وَمَرَاسِيلُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صِدْقًا وَكَذِبًا وَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَكَذِبٌ)) ..
رحم الله الشيخ؛ فقد أدار روايات أولئك الأخباريين ثقاتهم وضعافهم ومتروكهم وكذابهم على نفس ما تدور عليه أصول قبول الرواية، ولم يخطر في باله أن سيدعي من ينتسب للعلم أن روايات المتروكين والمتهمين بالزندقة والوضع = تقبل لأنها في التاريخ!!!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[28 - 11 - 10, 01:25 م]ـ
أرجو أن يقرأ الإخوة الكرام هذا الموضوع على ضور هذه الدرَّة النفيسة من قلم أبي فهر محمود محمد شاكر السَّلفي!
وهي في مقدمة أسرار البلاغة، المنشور مصوَّرًا على الشبكة، وكلها دُرَر!
وقد مهَّد لها بكلام يُكتب بماء الذهب، أثبت فيه أن الشيخ محمد عبده هو الذي فتق بلاء الاستهانة بالتراث، وأن تلاميذه قد ساروا على نهجه، وسمَّى منهم رشيد رضا وعبدالرحمن البرقوقي وطه حسين، ثم قال رحمه الله تعالى:
ذهبت نظرية الدكتور طه في الشعر الجاهلي بددا؛ لأنها لم تقم على أساس صحيح من العلم والنظر، ولم يبق من كتابه إلا شيئان:
الأول: ما طفح به كتاب في الشعر الجاهلي من الاستهزاء والسخرية والاستهانة بعقول القدماء من أسلافنا، والحط من أقدارهم، والغض مما خلَّفوه من كتب ومن علم، ومن حصيلة جهودهم وإخلاصهم في التثبت والمعرفة، وهذا كله مُفْضٍ إلى طرح هذا الذي تركوه لنا وراء ظهورنا، وإلى الإعراض عنه بلا تبين ولا نظر، وهذا هو الداء الوبيل.
¥