السبب السابع: أن سد يأجوج ومأجوج لم يكن باستطاعة المُغِيرين صعوده، ولا القدرة على فتح أي نَقْب-منفذ أو فتحة-للعبور منه، وأنه لم يكن في حاجة إلى أبراج أو حُرَّاس للدفاع عنه.
أما سور الصين العظيم فإنه كان قابلا لإحداث فَتَحات ومنافذ يعبر منها العدو فكان في حاجة إلى حِراسة مستمرة، وحُرَّاس لا يغفلون عنه ساعة من نهار، ولذلك لا تكاد تجد قِمَّةً من قمم الجبال التي شيد عليها السور بدون برج أُعِد لحراسته من إحداث منافذ يَغير منها العدو.
وبهذا يُعْلَم-يقينا-لا شك فيه أن سور الصين العظيم لا صلة له بسد يأجوج ومأجوج، إلا إذا قُدِّر أنه اتصل بِجَبَلَيْه-أي السد-في موقع من مواقعه-أي مواقع السور-الكثيرة.
فأين هو سد يأجوج ومأجوج؟
إن وصف السد-وهو كونه بين جبلين، وكونه من الحديد والنحاس، وكونه بذاته كافيا لصد غارة المعتدين عند بنائه-قد يبدو منطبقا على السد الموجود بين جبلين من سلسلة الجبال الممتدة من قرب مدينة {دربند] على ضفة بحر قز وين الغربية، إلى مرفأ {سوخوم] على ضفة البحر الأسود الشرقية وهذه الجبال تُكَوِّن سلسلة متصلة بين البحرين المذكورين، تمتد من جنوب جمهورية (جو رجيا) إلى شمالها، لا يفصل بينهما فاصل إلا فتحة واحدة عميقة، سُدَّت بقطع من الحديد والنحاس، وهذه الفتحة، هي التي رجح بعض المؤرخين والكتاب أن ذا القرنين (كورش الأخميني) هو الذي بناها، وتسمى بـ {مضيق داريال]،وأن هذه الفتحة هي التي كانت تغير منها القبائل المتوحشة (يأجوج ومأجوج) من الشرق على القبائل المظلومة في الغرب.
ولا أرى مانعا من هذا الترجيح إذا تعينت هذه الأوصاف لهذا السد وحده في الأرض، كما لا أرى القطع بأنه هو، قبل البحث الميداني في هذا العصر بالذات،لكثرة الوسائل المتاحة، التي يمكن الاستعانة بها لاكتشافه.
مشروع للاطلاع على السد المذكور، وتطبيق الأوصاف عليه.
ولو أن بعض الحكومات في الشعوب الإسلامية اهتمت بهذا السد، وخصصت له فريق عمل من ذوي التخصصات المناسبة له، من علماء الشريعة، وعلماء الجيولوجيا، وعلماء التاريخ، وعلماء الجغرافيا، وزودتهم بما يحتاجون إليه من مواصلات، ومن أهمها الطائرة المروحية وغيرها مما يتحقق به الهدف، وأضافت إلى ذلك التنسيق مع الدول التي يظن احتمال السد في أراضيها، لمنح الفريق حرية العمل والتنقل والتصوير، أقول: لو اهتمت بعض حكومات المسلمين بذلك لأمكن تعيين مكان السد-الذي لا بد أن يكون موجودا-وليبدأ بالسد المذكور (سد داريال)،ولكن لا يُكْتَفَى به لاحتمال أن يوجد غيره.
ولا شك في أن الاهتمام به أولى من الاهتمام بالتنقيب عن آثار الفراعنة والآثار الجاهلية في البلدان العربية وغيرها،لأن في تحديد مكانه ومعرفته زيادة بيان لما ورد به القرآن الكريم والسنة النبوية، ولأنه من أمارات الساعة التي ينبغي الاهتمام بها، وللاعتبار بعاقبة الظلمة المفسدين في الأرض الذين يُحْوِجون الناس إلى إقامة مثل هذا السد لاتقاء شرهم، كما أن فيه عبرة لمن مكنهم الله في الأرض وهيأ لهم أسباب الملك والقوة، ليستعملوا ذلك في طاعة الله، وفي مصالح خلق الله ونصر المظلومين والمستضعفين على الظالمين والمتجبرين!
هل يمكن اكتشاف سد يأجوج ومأجوج؟
نعم، يمكن اكتشافه عقلا، وعادة، وشرعا.
أما عقلا: فلا مانع مطلقا من السير في أرض الله والوصول إلى كل بقعة فيها بالوسائل المتاحة.
وأما عادة: فقد اعتاد الناس الأسفار والانتقال من مكان إلى آخر في الأرض، بَعُدَ أو
قربَ، وفي تلك الأسفار تمت اكتشافات كثيرة لما كان مجهولا من الأرض، ومنها قارات
كبرى، كأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، واستراليا، كما اكتشفت أماكن دقيقة وصغيرة في البحار والأنهار والجبال والشعاب.
واستخدم الناس لتلك الاكتشافات كل الوسائل المتاحة لهم، من المشي على الأقدام، إلى الركوب على الدواب بأنواعها، واستخدام آلات النقل البرية، من العربات التي تجرها الدواب، كالخيول، إلى الدراجة العادية، فالنارية، فالسيارة، فالم راكب القادرة على السير في المسالك الوعرة-جبلية أو مستنقعات وأوحال أو غيرها-كالدبابات والمصفحات ..
كما استخدموا وسائل النقل البحرية والنهرية الصغيرة والكبيرة السريعة والبطيئة.
وجاء دور الوسائل الجوية من المناطيد إلى الحوامات الصغيرة والكبيرة إلى الطائرات العملاقة، عسكرية ومدنية.
¥