[مواقف عظيمة من رجال عظماء]
ـ[أم محمد]ــــــــ[16 - 09 - 10, 05:17 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه بعض صور للسلف الصالح في تَدَكُرها بعث لتقوية الهمم على الصبر عند الشدائد و النباهة ....
*إمام المؤرخين والمفسرين محمد بن جرير الطبري
الخطيب: حدثني أبو الفرج محمد بن عبيد الله الشيرازي الخرجوشي:
سمعت أحمد بن منصور الشيرازي، سمعت محمد بن أحمد الصحاف السجستاني، سمعت أبا العباس البكري يقول:
جمعت الرحلة بين ابن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبقَ عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على ابن خزيمة، فقال لأصحابه:
أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة. قال: فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع وخَصِي من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا، فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا، فدفعها إليه، ثم قال:
وأيكم محمد بن جرير؟ فأعطاه خمسين دينارا، وكذلك للروياني، وابن خزيمة، ثم قال:
إن الأمير كان قائلا بالأمس، فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا كشحهم، فأنفذ إليكم هذه الصُّرَر، وأقسم عليكم: إذا نفدت، فابعثوا إليّ أحدكم.
*سلطان العلماء " العز بن عبد السلام".
يقول السبكى: لقد رأى الشيخ أن المماليك يخضعون لحكم الرِّقة، فبلغهم ذلك، فعظم الخطب فيه، واحتدم الأمر، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعاً ولا شراءً ولا نكاحاً، وتعطَّلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستشاط غضباً، واجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال الإمام: نعقد لكم مجلساً، ويُنادى عليكم لبيت مَالِ المسلمين، ويجعل عتقكم بطريق شرعي، فرفعوا الأمر إلى السلطان، فبعث إليه فلم يرجع، فجرت من السلطان كلمة فيها غِلْظَةٌ حاصلها الإنكار على الشيخ في دخوله في هذا الأمر وأنه لا يتعلق به، فغضب الشيخ، وحمل حوائجه على حمار، وأركب عائلته على حمير أخرى، ومشى خلفهم من القاهرة قاصداً الشام، فلم يَصِلْ إلى نحو نِصْفِ بريد حتى لحقه غالب المسلمين، لم تكن امرأة، ولا صبى، ولا رجل لا يأبه أن يتخلف، ولاسيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم، فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكك قبله، فرجع، واتفقوا معه على أن ينادى على الأمر، فأرسل نائب السلطنة بالملاطفة، فلم يفْدِ فيه، فانزعج النائب وقال: كيف ينادى علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟!! والله لأَضْرِبَّنهُ بسيفي هذا، فركب بنفسه في جماعة، وجاء إلى بيت الشيخ، والسيف مسلول في يده، فطرق الباب، فخرج وَلَدُ الشيخ، فرأى من نائب السلطنة ما رأى، فعاد إلى أبيه وشرح له الحال، فما اكترث لذلك ولا تَغَير، وقال: يا ولدى أبوك أقل من أن يُقتَل في سبيل الله، ثم خرج، وكأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب، يبست يَدُ النائب، وسقط السيف منها، وارتعدت مفاصله، فبكى وسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي خبِّرْنا اين تعمل؟ قال العز: أنادى عليكم وأبيعكم، قال: ففيم تصرف ثمننا؟ قال: فى مصالح المسلمين، قال: مَنْ يَقْبضْهُ؟ قال العز: أنا. فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحدا، وغالى في ثمنهم، وقبضه، وصرفه في وجوه الخير.
*سيف الدين قطز
أرسل المغول بسفارة إلى مصر، تحمل رسالة يطلبون فيها الاستسلام ولم تخل من تهديد ووعيد وإهانة؛ فورد فيها: "سلموا لنا الأمر تسلموا، قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا، وقد سمعتم أننا أخربنا البلاد وقتلنا العباد، فكيف لكم الهرب، ولنا خلفكم الطلب؟ فما لكم من سيوفنا خلاص ... عددنا كالرمال، فمن طلب حربنا ندم ... فلا تهلكوا أنفسكم بأيديكم".
فما كان من قطز إلاّ أن حبس الرسل واستشار الأمراء والعلماء، فأيد أكثرهم الحرب وعارض قليل منهم، وجد قطز أن بديل الحرب .. الاستسلام والخضوع والذل والمهانة، ففضل القتال، ففيه إحدى الحسنييّن: إما النصر والعزة والكرامة ورفع راية الإسلام، ومن ثَمّ إنقاذ العالم الإسلامي من براثن التتار، وإما الاستشهاد في حومة الوغى، وبعدها جنة ونعيم، فجاء رده على سفارة المغول أقوى وأبلغ، إذ مزق الرسالة وذبح حامليها على غير عادة المسلمين مع الرسل وعلقهم على باب زويلة؛ لا لشيءٍ إلاّ لشحذ الهمم وإزالة ما تركه النبأ من رعب وهلع في نفوس المسلمين، فوضع بذلك البلاد على طريق الحرب عند نقطة اللاعودة، فكان الاستعداد بهذه الطريقة البداية الحقيقية للنصر.
*الإمام أحمد بن حنبل
يَروي الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه
صفة الصفوة أنَّ عبدالله بن الإمام أحمد بن
حنبل قال: كنت كثيراً ما أسمع والدي يقول:
(رحم الله أبا الهيثم، غفر الله لأبي الهيثم، عفا
الله عن أبي الهيثم) ..
فقلت: يا أبه من أبو الهيثمِ هذا؟
فقال: لما أُخرجتُ للسياط، ومدت يداي
للعقابين؛ إذا أنا بشاب يجذب ثوبي من ورائي،
ويقول: تعرفني؟
قلت: لا، لا أعرفك.
قال: أنا أبو الهيثم العيَّار، اللص الطرَّار، مكتوب
في ديوان أمير المؤمنين أني ضُربت ثمانيةَ
عشرَ ألفَ سوط بالتفاريق وإني صبَرت في
ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا، فاصبر
أنت يا أحمدُ في طاعة الرحمن لأجل الدين ..
يتبع إن شاء الله
¥