تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

154]. وكأن ذلك كان سجية للمؤمنين عند شدة البأس لتكون قلوبهم آمنة مطمئنة بنصر الله. وهذا من فضل الله ورحمته بهم ونعمه عليهم".

وهذه الكرامة من الله تعالى مما تواتر نقله عن المجاهدين في الحرب التحريرية فقد نقل المجاهد المؤرخ محمد زوال وقوعه عن عدد من المجاهدين ثم قال:" وعندما ألقيت محاضرة في الملتقى الوطني الأول عن جمع مادة تاريخ الثورة في مدينة باتنة يوم 22/ 10/1989م تناولت فيها ظاهرة النعاس بالشرح والتحليل، فقد أثار هذا الكلام جدلا كبيرا في القاعة، وكان للمجاهد الكبير الحاج لخضر أعبيدي ([3]) قائد الولاية الأولى سابقا الفضل الكبير في الحد من حدته عندما وقف في الناس وقال:"هذه الحقيقة ومثلها مما جربته ثلاث مرات في الثورة التحريرية"، وأما المجاهد الأستاذ مصطفى هشماوي فأكد لي هو الآخر صحة وقوع ظاهرة النعاس في القتال، وذلك بعدما خرجنا من قاعة المحاضرات، وبمناسبة إحياء الذكرى الرابعة والثلاثين للثورة فإني دعيت إلى إلقاء محاضرة في قسمة المجاهدين بباب الزوار بالعاصمة تكلمت فيها عن ظاهرة النعاس في القتال، وعندما أنهيت كلامي وقف المجاهد محمد بهلول من مجاهدي الولاية الثانية فقال:"في إحدى المعارك بالولاية الثانية كان النعاس قد غشي المجاهدين فكنت أوقظهم الواحد بعد الآخر" ([4]).

وفي الولاية التاريخية الخامسة وبالضبط في "مركالة" (على بعد 80كم غرب تندوف) بتاريخ 25/ 07/1956م حدثت معركة ضارية بين جيش التحرير الوطني وجيش العدو، ولم تكن القوتان متكافئتين، وقد تحصن أكثر المجاهدين بعد أن حوصروا بجبال "باني أولكرب" بصخوره وكهوفه، بينما بقي آخرون في العراء بعيدين عن الجبال معرضين لمدافع العدو وطائراته، والأمر الذي جعل استشهادهم أمرا مؤكدا، لكن فجأة أصابتهم غفوة وجيزة غمرهم نعاس، سرعان ما استفاقوا منه وانتبهوا وهم أكثر قوة عزم على القتال والمغالبة، فشقوا ثغرة مكنتهم من الانسحاب إلى المناطق المحصنة بالصخور والتحقوا ببقية رفاقهم فسلموا بفضل الله عز وجل ([5]).

ثالثا: نزول الأمطار وتراكم الضباب

ومن تلك الظواهر العجيبة التي كانت تحدث للمجاهدين أثناء القتال وفي حالات الشدة نزول الأمطار وتراكم السحب وانتشار الضباب، مما كان يحول دون مواصلة القصف الجوي والمدفعي لمواقع المجاهدين أو كان يسمح لهم بالانسحاب في حالة الحصار، وقد قال تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) [الأنفال/11]

وفي هذا يقول المجاهد محمد زروال:"وإذا تتبعنا الكرامات الربانية الغريبة في الثورة الجزائرية طالعتنا ظاهرة أخرى أشد غرابة هي ظاهرة نزول المطر من السماء في غير وقته، كما وقع ذلك في غزوة بدر الكبرى .. أما عن هذه الظاهرة عينها في الثورة الجزائرية فإن أمرها معروف عند المجاهدين الذين يرون فيها تأييدا معنويا لهم من الله تعالى، ذلك أن العدو يتوقف عادة عن الرمي عندما يغطي الضباب الأفق وتتراكم السحب وينزل المطر، فتتعذر إصابة الهدف بسبب عدم الرؤية الجيدة، فقد حدثني الكثير من المجاهدين الذين حضروا معركة الجرف الشهيرة ([6]) أن المطر نزل من السماء في اليوم الرابع من هذه المعركة عندما كانوا يتأهبون للانسحاب وعندما تعذر عليهم ذلك بسبب تطويق العدو إياهم من جميع أقطارهم، عندئذ انتهز المجاهدون هذه التغطية الجوية الطبيعية فانسحبوا دون أن يكشفهم العدو" ([7]).

وحكى عن بعض المجاهدين الذين كانوا في المركز الاستشفائي "قسنطينة" وهو "جبل قرب أريس"، بلغهم إحدى ليالي شهر رمضان من عام 1957م أن قوات العدو خرجت من مركز "النوادر" سيرا على الأقدام لتباغت المجاهدين الجرحى والمرضى في ذلك المركز، فسارع المجاهدون إلى إخلاء مكانهم لكن الوقت كان أسرع منهم، وفي الصباح لما لم يبق إلا نحو خمس كيلومترات تفصل قوات العدو عن المركز، ظهرت سحابة غطت الأفق، ثم بدأت الأمطار تهطل بغزارة، فسهل أمر انسحاب المجاهدين، بل وكان لتلك الأمطار –التي دام وقت نزولها ساعتين كاملتين-فضل محو آثار أقدام المجاهدين فلم يستطع العدو أن يتبين خط سيرهم ولا الوجهة التي قصدوا إليها، ورجع العدو يجر أذيال الخيبة والهزيمة، قال راوي القصة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير