تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أكثر شجاعة وهم جرحى منهم وهم معافون! بالرغم من نزيف الدم والحروق الخطيرة التي أصيبوا بها من جراء قنابل الطائرات" ([22]).

عاشرا: عواصف الإنقاذ

وكما تحدثنا عن السُّحب والأمطار التي كانت تهطل فتعطل القصف الجوي وتمحوا الآثار، ففي الجنوب كثيرا ما كان ينقِذ المجاهدين قوة الريح وهيجان الإعصار، "ومن ذلك ما حدث في معركة أم لعشار (تبعد عن تندوف بحوالي 100كم غربا) يوم 20/ 04/1958م، التي خلفت 18 قتيلا في صفوف العدو، فقد حوصر مجموعة من المجاهدين في منطقة صحرواية، فكان مصيرهم حسب القواعد الحربية هو الإبادة من دون أدنى شك، غير أن عناية الله تعالى أدركتهم فكان الأمر على خلاف ذلك، لقد كانت السماء زرقاء والجو صحوا فلما اشتدت المعركة ورأى المجاهدون أن أجلهم اقترب إذا بالأفق يحمر فجأة! وإذا بالغبار المحمل بالرمال والحصى يثور، وإذا بريح عاتية تجتاح المكان، إنها عاصفة جعلت الظلام يلف المنطقة كلها، عاصفة مكنت المجاهدين من فك حصار العدو لهم، وذلك أن الطائرات قد عادت أدراجها لشدة الريح وانعدام الرؤية، ووجه المجاهدون وابلا من الطلقات النارية إلى جيش العدو فزادته ارتباكا ودب الرعب في صفوفه، ويؤكد الشهود الأحياء أنهم كانوا يرون العدو جيدا رغم شدة العاصفة وكأنها رياحها وغبارها لم يكن يعينهم ([23]). صدق الله عز وجل إذ يقول وهو يخبرنا عن عزوة الأحزاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) (الأحزاب/9،10)

الحادي عشر: طي مسافات السير

ومن الكرامات التي اشتهر خبرها أثناء الحرب التحريرية طي مسافات السير للمجاهدين، ووصولهم إلى الأماكن التي يقصدونها في أوقات قياسية لا يمكن تسجليها إلا إذا كان أحدهم محمولا على آلية أو دابة غير مثقلة، ولكنهم كانوا يقطعون تلك المسافات في تلك الأوقات رغم أنهم كانوا يسيرون على الأقدام سيرا وربما يكونون محملين هم ودوابهم، التي كانت في الغالب حميرا أو خيولا تستعمل لنقل السلاح أو البضائع.

وكان من المجاهدين من كان مكلفا بالاتصال قد عرفوا بألقاب تدل على ملاحظة سرعتهم في التنقل، مثل "الهليكوبتر" و"الإكسبريس" و"البرق" و"الهاتف تراك" وغيرها ([24]).

من الشهادات المدونة في هذا الباب قول أحد الباحثين:"لقد انتشر خبر بين سكان الجنوب والجنوب الغربي بالخصوص مفاده إن الله تعالى قد ميز وخص المجاهدين بخاصية اختصار المسافات أثناء تنقلهم بين الجبال والغابات والسهول وكثبان الرمال، وهو ما يعرف عندنا بتندوف بطي التراب فيقطع المجاهدون مسافات قد تصل إلى 100 أو 120 كلم في وقت قياسي (4إلى 5 ساعات وهم راجلون أو على حيوانات وهي محملة بالعتاد والمؤن الخ) " ([25]).

الثاني عشر: العباءة مثقوبة والجسم سليم

إن الله تعالى هو المحيي الميت وهو الذي بيده مقادير كل شيء، وكما أنه قد يصرف العدو عن المجاهدين فإنه قد يصرف نيرانهم فلا تصيب الهدف، بل ربما تعطل نيرانهم عن التأثير في أجساد المجاهدين، والله تعالى إذا أراد أمرا إنما يقول له كن فيكون، كما قال عز وجل: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (الأنبياء/69، 70).

وفي هذا السياق ما نقل عن أحد المجاهدين بأموالهم من عرش "الوهايبة" بضواحي مدينة "سعيدة" كان قد جعل من بيته ملجأ وملاذا للمجاهدين، فداهم جنود الاستعمار بيته يوما واعتقلوه، ولما طالت مدة التعذيب والاستنطاق ولم يفه بشيء قادوه إلى مكان بعيد ألقوه فيه، وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص وتركوه ظنا منهم أنهم قد تخلصوا منه، ولكن الله تعالى أنجاه فلم يصب بأذى، رغم أن عباءته التي كان يرتديها قد وجد عشرة خروق أحدثها الرصاص الذي رمي به، ولا يزال ابن هذا المجاهد محتفظا بهذه العباءة إلى يومنا هذا ([26]).

الثالث عشر: ملاك ينقذ مصطفى بن بولعيد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير