هذا نظام حياتنا بالنور خط وباللهب
حتى يعود لقومنا من مجدهم ما قد ذهب
ويرى الجزائر رجعت حق الحياة المستلب
هذا لكم عهدي به حتى أوسد في الترب
فإذا هلكت فصيحتي تحيا الجزائر والعرب
وأصرح من هذا قوله:
اشهدي يا سما واكتبن يا وجود
أننا للحمى سنكون الجنود
فنزيح البلا ونفك القيود
وننيل الرضى من وفى بالعهود
ونذيق الردى كل عات كنود
فيرى جلينا ذكريات الجدود
ويرى قومنا خافقات البنود
ويرى نجمنا للعلا في صعود
فنظم اسمنا صفحات الخلود
هكذا هكذا هكذا سنعود
وقد نقل عنه أنه قال لبعض جلسائه عام 1936م إذ لم يكن من مطالبهم الاستقلال:" وهل يمكن لمن شرع في تشييد منزل أن يتركه بدون سقف، وما غايتنا من عملنا إلا تحقيق الاستقلال".
وفي سنة 1937 كتب مقالا عنوانه هل آن أوان اليأس من فرنسا، لوح بالجهاد عندما تحدث فيه عن اللجوء على سلاح اليائسين، وسلاحهم النحر أو الانتحار.
[ابن باديس يهم بإعلان الجهاد]
أما همه بإعلان الجهاد فقد نقله الثقات الأثبات في شهادات متعددة المبنى ومتطابقة المعنى وذلك عام 1939 عند اندلاع الحرب العالمية، ومن ذلك أنه لما بان الخور والعجز الفاضح في جيش فرنسا بادر بعض الزعماء السياسيين هيبة من فرنسا أو إيمانا بها فتطوعوا في جيشها فاشتدت حسرة الشيخ من فعلهم وقال:"لو استشاروني لأشرت عليهم بالصعود إلى جبالي أوراس وشن الثورة منها على الاستعمار». وقال لبعض من كان معه في نادي الترقي عاهدوني فلما عاهده مصافحة قال: «إني سأعلن الجهاد على فرنسا عندما تشهر عليها إيطاليا الحرب»، وإنما عيّن دخول إيطاليا بالذات لأنها كانت تجاورنا ويمكن أن نستمد منها السلاح. وقال في مجلس آخر: «والله لو وجدت عشرة من عقلاء الأمة الجزائرية يوافقونني على إعلان الجهاد لأعلنته».
وشهد الشيخ محمد الصالح بن عتيق أن ابن باديس انفلت من الرقابة الاستعمارية المضروبة عليه في قسنطينة وزار الميلية خفية وسأله عن درجة استعداد الأمة، فأجابه إن رجال الميلية سيجدهم رجال بارود … لكنه لم يرجع لأن الموت جاءه فجأة قبل أن تدخل إيطاليا الحرب، وقد قيل إنه مات مسموما من طرف الإدارة الفرنسية.
لقد شهد بهذه الحقيقة المنصفون من الجزائريين ومن الأجانب حتى كتب أحد المصريين كتابا سماه:" الإمام عبد الحميد بن باديس القائد الروحي لحرب التحرير الجزائرية". وكتب مؤرخ كندي أطروحة دكتوراه بعنوان عبد الحميد بن باديس مفكر الإصلاح وقائد الحركة الوطنية الجزائرية.
[الإبراهيمي يبشر بالثورة]
وليس فقط ابن باديس من حمل فكرة الجهاد وعمل لأجلها، بل كذلك خليفته الإبراهيمي، فإنه قال معلقا على حوادث 8 ماي:" إنها فورة ستعقبها ثورة"، قال في خطاب ألقاه في باريس بمناسبة نيل ليبيا الاستقلال عام 1951:" إن الجزائر ستقوم قريبا بما يدهشكم من تضحيات وبطولات في سبيل نيل استقلالها وإبراز شخصيتها العربية الإسلامية" نقله ممثل العراق لدى الأمم المتحدة.
وقال في خطاب أيضا أمام الوفود العربية عام 1952بباريس أيضا:" وإن بعد اللسان لخطيبا صامتا هو السنان، وإننا لرجال وإننا لأبناء رجال وإننا لأحفاد رجال .. وإن فينا لقطرات من دماء أولئك الجدود، وإن فينا لبقايا مدخرة سيجليها الله إلى حين".
الخطبة الثانية
[من دفع الناس للاستجابة إلى بيان أول نوفمبر]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين: أما بعد فلما جاءت ساعة الصفر وقرر جماعة من الشبان الأبطال أن يعلنوها ثورة عامة على المستعمر في الفاتح من نوفمبر 1954م، فقاموا بتنظيم أعمال فدائية وأصدروا بيانهم المعروف، وهم جماعة لم يكن لها من الشهرة وثقة الناس ما كان لغيرهم من العلماء أو السياسيين إلا أنهم قرروا ذلك، ويشاء المولى عز وجل أن يكتب القبول لتلك الشرارة والنداء، لكن قولوا لي بفضل من كان ذلك؟ من الذي جمع الناس حول هذه الثورة وزكاها من أول يوم؟ أهم السياسيون الإدماجيون؟ أهم الشيوعيون؟ أهم الطرقيون؟
[مواقف الأحزاب السياسية]
¥