تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد شهد الشيخ الطاهر آيت علجات أنه كلفه عام 1955م بإنشاء زوايا في القرى المجاورة لتَموقْرَة، لتدريس القرآن واللغة العربية وتوعية الناس وحثهم على الكفاح من أجل التحرر، وذكر أن عميروش رصد مبلغا ماليا لترميم زاوية تموقرة وغيرها من الزوايا، وقال العقيد في خطاب موجه إلى طلبة زاوية أوبوداود:" أنتم جيل الغد أنتم ستتولون تربية أجيال الاستقلال، وستكونون إطارات الجزائر المستقلة، من خلال دراستكم في هذه المدرسة تخوضون نفس الكفاح الذي يخوضه المجاهدون، وهي طريقتكم في الكفاح التي تُطمْئِنُنا على مستقبل البلاد، لا تنسوا بأن الحرب ستكون طويلة وصعبة، فإذا احتجنا إليكم في الجبال كونوا مستعدين لأخذ المشعل، لكن في انتظار ذلك اهتموا بدراستكم واعملوا بجد " (20).

[العقيد عميروش والبعثات العلمية]

ولم يكتف بتوفير كل الوسائل لهذا الميدان في الداخل بل أرسل بعثات طلابية إلى تونس ومنها ينتقلون إلى مختلف البلدان العربية كليبيا ومصر والأردن والعراق والسعودية، وغيرها من البلدان الصديقة، كان يرسل الشباب الذين حصلوا شيئا من مبادئ العلوم في الزوايا كزاوية عبد الرحمن اليلولي وزاوية تموقرة ومدارس جمعية العلماء وغيرها من المدارس الحرة المنتشرة في تراب الولاية الثالثة.

وكلف الشيخين أرزقي آيت شبانة ومحمد الطاهر آيت علجت وكذا السيد سعيد بن غانم بالذهاب إلى تونس لتلقي هؤلاء الطلبة والقيام على شؤونهم وتعليمهم وتوجيههم إلى التخصصات التي تناسبهم، وكان في تونس العاصمة مركزان لاستقبال هؤلاء الطلبة (21). وقد فاق عدد الطلبة الذين أرسلهم في تلك البعثات الثلاثمائة حسب بعض الشهود، وكان يجعل لهم ميزانية خاصة حتى وهم خارج الوطن، فقد أرسل إليهم في أوت 1958 مثلا مبلغ 3ملايين فرنك قديم، وأرسل إليهم رسائل يشرح لهم فيها واجبهم والغاية التي أُرسلوا من أجلها إلى تلك البلاد (22). بل وكان يخطب فيهم قبل إرسالهم ويقول لهم: أرسلكم إلى تونس لكي تُحصِّلوا على تكوين وتخدموا الوطن بعد الاستقلال، لا تعودوا إلا بشهادات لأن هذا ما نفتقر إليه أكثر " (23).

وحسب عبد الحفيظ أمقران فإنه شرع في هذه العملية بإرسال تعليمة إلى كل مناطق الولاية الثالثة تنص على جمع الطلبة في مراكز معينة، والشروع في إرسالهم إلى تونس، وقد تم توجيههم حسب مؤهلاتهم وحسب احتياجات الثورة إلى معاهد مختلفة في تونس ومصر وسوريا والعراق والسعودية، فمنهم من تخرج من الكليات العسكرية ومنهم من تخرج من مختلف التخصصات الأدبية والعلوم الإنسانية والتحقوا بمختلف هياكل الثورة، وقد كانت الولاية الثالثة سباقة إلى هذا الميدان (24). كما تولى كثير منهم مناصب هامة بعد الاستقلال في مختلف أجهزة الدولة، وهذا التصرف الحكيم يدل على بعد نظره وتفكيره في الجزائر بعد الاستقلال، وعِلْمِه بأن الثورة ستكلف الشعب تضحيات بما في ذلك طبقة المثقفين (25).

وبقي عميروش يحمل هم هؤلاء الطلبة إلى آخر ساعة من حياته، فقد كان من ضمن المطالب التي حملها معه إلى الحكومة المؤقتة، مطالب تتعلق بالبعثات العلمية، فقد جاء في توصيات المجلس الولائي المنعقد في 2 مارس 1959م، مطالبة الحكومة المؤقتة بمنح مساعدة مادية منتظمة للطلبة الجزائريين الموجودين في الخارج، لأن تنظيمهم لم يكن مرْضيا وأوضاعهم المادية لم تكن لائقة، وميزانية الولاية الثالثة لم تعد كافية (26). (اجتمع مجلس الولاية في دورة استثنائية ثم اجتمع عميروش ببقية ممثلي الولايات في الاجتماع الذي عرف باجتماع العقداء الأربعة، وقرروا حمل مطالبهم الجماعية إلى تونس واستشهد العقيدان عميروش وسي الحواس وهما في الطريق إليها رحمهما الله تعالى)

[تقدير عميروش لكل المثقفين]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير