و أيضاً من الأمور التي نواجهها اليوم: طريقة حساب الأجيال، فقد اختلف فيها المتقدمون وكثر فيها اجتهاد المتأخرون، و قد افتقر معظم النسابين المعاصرين إلى معرفة الأسلوب الصحيح لحساب الأجيال؛ وقد تضاربت بعض المصادر في أعمدة نسب بعض قبائل الأشراف، مع وجود أكثر من مشجرة لبعضهم بأعمدة فيها اختلاف، و تمسك أصحابها كل بما ورث، مع عدم وجود مصدر أقوى للأخذ به، كما لم تذكر المصادر القديمة ما يعين على تصحيح تلك الأعمدة ... في هذه الحالة: قد نلجأ إلى حساب الفترة الزمنية لتعاقب الأجيال، و نسعى لمعرفة متوسط الفترة، وذلك ليقربنا إلى معرفة أصح الأعمدة، و لكن يجب أن نعلم أن هذا لا يحسم مسألة صحة العمود، و بالتالي لا نستطيع الجزم فيما بين أيدينا من مسائل شائكة .. هناك متسرعون ومتخرصون في هذا الباب و هذا شأنهم لا شأننا وليتقوا الله فيما يعرض عليهم، فأمانتنا العلمية التي نقوم بها في خدمة أنساب آل البيت تأبى علينا ذلك ...
و أيضاً من القضايا التي تحتاج إلى بحث وتحري – وهي من جملة العقبات -: كثرة وجود أنساب القطع في العديد من المصادر النسبية، وعدم تمكننا من إجابات حول مصير تلك الذريات، مما يجعل الباب مفتوحاً على مصراعيه للجادين و العابثين.
و من العقبات التي نواجهها: حرص بعض الأشراف الزائد عن الحد، في التمسك بعدم إقرار بعض فروعهم التي نزحت عنهم، احتياطاً للأمر في الظاهر و قد تكون هناك مقاصد خفية من ذلك التشدد في النفي لتلك الفروع، كخشية بعض أصحاب المصالح المالية من مطالبتهم بحقوق قديمة، أو أوقاف، أو حصص في أراضي و أموال، و هذا مقامٌ تسكب عنده العبرات.
و مما يزيد الطين بلة، أنك تجد بعض العاملين في الأنساب يحرصون على حذف بعض أسماء وردت في المشجرات القديمة لكونه لم يسمع بهم أو لأن أخبارهم منقطعة، و ذلك بحجة (قطع الطريق على الأدعياء)، و كأنهم لا يعلمون أنهم بذلك يقيمون الحجة في الطعن لمن قد يكون من أبناء عمومتهم و أقرب الناس إليهم .. ، و قد دخلت بعض أفراد من الأشراف في البادية و الحاضرة، كما أرتحل كثير منهم في البلدان المختلفة منذ القدم مع عدم احتفاظهم بموروث عند ارتحالهم، ولذا يصعب التثبت من أمرهم.
و من القضايا المهمة في النسب الشريف: أنه ينبغي ملاحظة أن هناك بعض الأشخاص أو الفروع التي ليس لها حظ في النسب الشريف، وقد غرهم في ذلك تشابه أسرهم وقبائلهم بألقاب بعض قبائل الأشراف قديماً وحديثاً فادعوا النسب الشريف.
و لعل من المواضيع المهمة التي ربما رفعت كثيراً من العقبات في باب الأنساب: موضوع البصمة الوراثية. و قد سألني أحد العلماء الباحثين في هذا المجال في الغرب: هل يمكن العمل بموضوع البصمة الوراثية في أنسابنا؟ و هل نقر نحن المهتمين بالأنساب بنتائج هذا؟
تلك معضلة نسبية تحتاج دراسة لمعرفة كيفية الاستفادة منها في هذا المجال في تحقيق وتدقيق الأنساب. و قد أصبح علم الأنساب له ارتباط بميدان الطب بعد ظهور الأمراض الوراثية. و عليه، فإن التعاون بين الطبيب والنسَّاب ضرورة يفرضها الواقع العلمي القادم.
...
س5:في العصر الحديث اتجهت عدد من منتديات الإنترنت إلى الخوض في انساب الأشراف، وقد فتحت منتديات وأغلقت ... في رأيكم كيف يمكن الافادة من هذه المنتديات؟
في الحقيقة إنني غير متابع - للأسف - للانترنت، رغم فوائده، وكثيراً ما أحضر لي بعض الإخوان بعض قضايا الأنساب الني نوقشت في تلك المنتديات. و رغم وجود إثراء علمي وفكري في بعض تلك القضايا إلا أنني ألاحظ – أحياناً - محاولات بعض الإخوان في طرح اسمي في بعض تلك القضايا، ومطالبتي بطرح آرائي فيها.
إنَّ وقتي ضيق , و بعض تلك القضايا لا جدوى من الخوض فيها، أضف إلى ذلك: تجاوزات من جهال الكتَاب، وخاصة أصحاب الأسماء المستعارة في تحويل تلك الأطروحات والاختلافات في الرأي إلى قذف و سباب و تصفية حسابات، و هم أبعد الناس عن أدب الحوار والخلاف.
لما أسلفت، تراني محجماً عن المتابعة والمشاركة في تلك المنتديات، مع استفادتي مما يثار في بعض المواضيع ..
¥