تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدَّرقة اللمطية

ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 12:01 ص]ـ

هذه دراسة علمية بعنوان "الدرقة اللمطية" لصاحبنا الأستاذ موسى هواري أستاذ تاريخ المغرب الإسلامي بمعهد التاريخ بجامعة الجزائر 2 بوزريعة أنقلها لكم كما وصلتني في بريدي الخاص ومرفقة كذلك .. في انتظار تعليقاتكم ونقاشاتكم لإثراء الموضوع

جامعة الجزائر 2

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

قسم التاريخ بالتنسيق مع إتحاد المؤرخين الجزائريين

الملتقى الوطني الأول حول:

دراسات تاريخية تخليداً لروح

الأستاذ موسى لقبال وطالبته الأستاذة المرحومة سامية سليماني

ليومي 29 - 30 أفريل 2009

الدَّرقة اللمطية

تعتبر الدَّرَقُ اللمطية من أكثر أسلحة بلاد المغرب شهرةً، حيث كانت من عوامل قوة جيوش المنطقة، خاصةً خلال فترتي المرابطين والموحدين، لكنَّها مازالت إلى الآن لم تحظ بدراسةٍ كافيةٍ - حسب علمي-، رغم أنَّ المصادر أشارت إلى جودتها وفعاليتها في الحروب، وأشادت بخفة وزنها ومقاومتها لضربات السيوف والرِّماح، وسأحاول في هذا البحث، التعريف بها، وتسليط الضوء على صناعتها، وأهم المناطق التي اختصت بذلك، كما سأتعرض إلى حيوان اللَّمط الذي قدَّم المادة الأولية الأساسية لهذه الصناعة.

إسمها ونسبتها:

الدَّرَقُ ضربٌ من التِّرَسةِ، الواحدة دَرَقةٌ وهي الحَجَفة، تُتَّخذ من الجلود ليس فيها خشبٌ ولا عَقَب، وجمعها دَرَقٌ وأَدْراق ودِراقٌ ([1])، وتكون في الغالب بيضاوية الشكل ([2])، تُنْسَب إلى لَمْطة من قبائل المغرب ([3])،يقول اليعقوبي (ت.274هـ/888م):" ... وبين زويلة ومدينة كوار وما يلي زويلة إلى طريق أوجلة وأجدابية قومٌ يقال لهم لمطة، أشبه شيء بالبربر، وهم أصحاب الدَّرق اللَّمْطية البيض" ([4]).

ولَمْطَة بالفتح ثم السكون وطاءٍ مهملةٍ ([5])،إسم قبيلةٍ من قبائل صنهاجة الجنوب ([6])، لكنَّ هذا الإسم يطلق على القبيلة وعلى الأرض التي تسكنها ([7])، فقد سميت الأرض باسم القبائل التي نزلت بها ([8])، وهذا ما جعل البعض يرى أنَّ الدَّرقة تنسب إلى الأرض لا إلى الشعب ([9]).

وارتبطت الدَّرق اللمطية عند بعض الجغرافيين بمدينة نول لمطة ([10])، وهي بُلَيْدَة عند السوس الأقصى، بينها وبين سجلماسة عشرون يوماً ([11])، وبينها وبين البحر ثلاثة أيام، وهي مدينةٌ كبيرةٌ عامرةٌ على نهرٍ يأتي إليها من جهة المشرق وعليه قبائل لمتونة ولمطة ([12])، واسم هذه المدينة مشتقٌ أيضاً من قبيلة لمطة التي تسكنها ([13])، ولأنَّ المادة الأولية لصناعة الدرق هي جلد حيوانٍ عُرِف بـ "اللمط"، فقد ارتبط اسم الدرقة بهذا الحيوان.

حيوان اللَّمط:

يعيش هذا الحيوان في صحراء بلاد المغرب ([14])، وهو يكثر بضواحي مدينة أودغشت ([15])،ويعتبره كل من ابن خلدون وابن أبي زرع من وحوش الصحراء ([16])، وقد وصفه أبو عبيد البكري (ق.5هـ/11م) بأنَّه:"دابةٌ دون البقر لها قرونٌ دقاقٌ حادةٌ لذكرانها وإناثها، وكلَّما كبر منها الواحد طال قرنه حتى يكون أكثر من أربعة أشبارٍ، وأجود الدَّرق وأغلاها ثمناً ما صُنع من جلود العواتق منها وهي التي طال قرناها لكبر سنها فمُنِع الفحل عُلُوها ... " ([17])، وذكر ياقوت الحموي (ت.626هـ/1229م)، أنَّه" ... من جنس الظباءِ إلا أنه أعظم خلقاً أبيض اللون" ([18])، وأفاد ابن سعيد المغربي أنَّ اللَّمط " ... صابرٌ على العطش وهو على شبه الغزال لكنه أغلظ منه" ([19])، ويقول النويري (ت.733هـ/1333م):"اللَّمط حيوانٌ وحشيٌ يكون ببلاد الغرب الجَوّاني، في قدر المهر اللطيف، له قرونٌ غير متشعبةٍ، ولا مفاصلَ لرُكبه ... " ([20])، أمَّا الحسن الوزان (ق.10هـ/16م)، فيُشبِّهه بالثور في شكله، " ... لكنَّه أصغر منه وحافره وقرونه أدق، يميل لون جلده إلى البياض، إلاَّ أنَّ أظلافه شديدة السَّواد" ([21]).

وقد أشار محقق كتاب "وصف إفريقيا" للحسن الوزان أنَّ اللَّمط هو حيوان "المها" ([22])، لكن الأوصاف التي ذكرتها المصادر تنطبق على الآرام (مفردها رِئْمٌ) وهي ضربٌ من الظباء البيض الخالصة البياض، تسكن الرِّمال ([23]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير