طيلة المحضر, كانت النقطة الأساسية في النقاش هي إن كان الختان طوعيا أو لا, بل و إن كان قسريا هل يؤدي هذا إلى الردة عن العقيدة الكاثوليكية لأنه كان بمقدوره الامتناع و اختيار الموت. من جهة أخرى كان محققو محكمة التفتيش يعتقدون أن المغاربة لا يجبرون أحدا على اعتناق عقيدتهم و لا يفرضون الختان بطريقة عنيفة.
*****************
”قال و كيل المحكمة: اطلعت على محضر دييغو دياث و ظهر لي أنه غير حصين بما فيه الكفاية, و يعوزه للمصادقة عليه أهم ثلاثة شهود: أنطونيو مالو و زوجه مارية دي لاكونا. بالنسبة لهذين, رأى المفوّض أنه لعدم معرفة المكان الذي يتواجدان فيه يكفي استجواب شخص واحد من بلمونتي, اعتبارا لقيمته, يعلم أنهما صاحبي فندق, و الشخص المستجوَب محامي و رئيس الجمعية الأخوية. من اللازم الاستعلام لدى فندقيين آخرين و الأشخاص العاديين جيران و أصدقاء الغائبين, فليس من المعقول الاختفاء التام لشخصين متزوجين.
نفس الشيء بالنسبة لشاهد آخر, مارية إيرنانديث, التي كانت مرتبطة بهما –بالشاهدين -و تعمل عندهما.
إلى حين المصادقة على هؤلاء الشهود, أقول أنه مع افتراض صحة انتماء هذا المتهم إلى طائفة المغاربة و إلى الذين كانوا لا يُشك عموما في حفاظهم على شريعة محمد و لهذا طُردوا من إسبانيا, هناك خمس شهادات تقول أنه خلال الصيام الأكبر –الكوريثما- و الأيام الحرم الأخرى رأوه يأكل اللحم خاصة في كاورثما سنة 1632م إلى جانب سمك التونة, الجبن و أشياء أخرى مضرة بالصحة.
لإبطال هذا الدليل قدّم دييغو دياث عدة شهود قالوا أنه إذا أكل ذلك فلمرض ألم به و برخصة من الطبيب, لكن بما أن أقوال الشهود لها أساس صحي بخصوص الوعكة الصحية و رخصة الطبيب فإذا لم يقل الطبيب ذلك فلا وزن لألف شاهد يقول بذلك. يقول الطبيب باثكيث Vazquez أنه منحه في بعض المرات رخصة لأكل اللحم؛ لكن الطبيب نفسه قال في المحضر أمام ممثل الكنيسة ثم أمام مفوض محكمة التفتيش أنه لم يمنح له رخصة من هذا القبيل في كاوريثما سنة 1632م و أن الرخصة الممنوحة له أحيانا ليست دائمة الصلاحية. و وصف –أي المتهم- اثنان من بين الشهود الأربعة بأنهم أعداء له هما أنطونيو مالو و زوجته, و يبدوا ذلك قابلا للتصديق لأن مكمن العداء كونهم جميعا أصحاب فنادق و جيران, و هذا يولد لدى أصحاب النفوس الدنيئة حسدا و مصلحة في طرد الآخر من المنطقة. باقي التهم التي وجهها للشهود الأربعة حول اللصوصية و السكر لا أعتد بها رغم أن الشهود يقولون بصفة عامة أن لهم أيادي سوداء و أنهم رأوهم سكرانين, لكن عليهم إعطاء أدلة أكثر فالسكر يُعرف بما يصدر عن السكران من أفعال و لا يُرى بالعين, إضافة إلى أن في مسائل العقيدة لا يُقبل أي طعن في الشهادات إلا إذا كان دافعها العداء.
اتهام آخر هو عدم سماعه للقداس في الأعياد, و هو اتهام ناقص لهذا لا أعتد به, و أيضا لأن هذا لم يقله سوى شاهد واحد وهذا غير حاسم, و هناك شهود كثيرون يفيدون بأنهم رأوه يسمع القداس ".
اتهام آخر هو عدم أكله لحم الخنزير حيث قالت خادمة أنه خلال الأشهر السبعة التي قضتها معهم لم تره يأكله و لا يستعمله في القِدر, و لو كانت هناك شهادة أخرى لكان هذا الدليل محكما بأنه من سلالة المغاربة؛ غير أن الشاهد واحد و رغم قولي من قبل أني لا أعتد بتهمة السكر فإنه من خلال شهادتها يبدو في كلامها شيئا من الحماسة ضد هما, و لقولها أنها لم ترهما أبدا يعلمان أبناءهما الصلوات و قد تحققنا من ذلك من خلال إحدى بناتهما ذات 7 سنوات كانت تعرف الصلوات, و من الممكن أن والديها قد علماها, و كذلك لوجود عدة شهود دعاهم –المتهم- قالوا أنهم رأوه يأكل الخنزير, لهذا لا أعتد بصحة هذا الاتهام ..
اتهام آخر يبدو للوهلة الأولى محكما و هو ارتداءه هو و أهل بيته لقمصان نظيفة و أحسن الملابس في أيام الجُمع, لكن إذا اعتبرنا أن الرجل جزار فإن يوم عطلته و ارتداء الملابس النظيفة هو يوم الجمعة. يبقى ارتياب واحد, فالأمر لا يتعلق به وحده فباقي الأسرة يغيرون القمصان في الجُمع. لكن هذا كله عبارة عن قول شاهد واحد هو الخادمة المذكورة أعلاه."
¥